للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الأحكام التي تنفي وتثبت، فعلى هذا تكون العبارة مائلةً عن النظم السديد؛ فإنا إذا قلنا في هذا الحكم مثلاً: الحمل هل يُنْفى باللعان؟ فعلى قولين بناء على أن الحمل هل يُعلم، رجع حاصل القول إلى أن الحمل هل يُلْحَقُ في اللعان عنه بالمعلوم أم لا؟

٩٦٨٢ - فحاصل الكلام أن القولين أصلهما أن الحمل في هذا الحكم هل يلحق بالمعلومات؟

ونحن نقول: أوجب رسول الله صلى الله عليه وسلم الخَلِفاتِ (١) من الإبل في الدية، وهذا حكم بثبوت الحمل والاكتفاء بالأمارة، ولا يتجه غيرُه؛ لأنا لو أوجبنا الفُصلان، لزِدْنا على العدد، والرسول صلى الله عليه وسلم أراد أن يُثبت الحمل صفةً، ثم لا فَوْت؛ فإن بان بعض الخَلِفات حوائل بدّلناها.

ووجوب الإنفاق على المعتدة البائنة الحامل على طريقين: منهم من خرجه على ما ذكرناه من القولين، فقال في قول: يجب تنجيز الإنفاق، ثم إن بانت حائلاً، استرْدَدْنا [ما أنفقناه] (٢)؛ فإن في تأخير الإنفاق إضراراً بيّناً ناجزاً، واستردادُ النفقة أهون من تعجيل الإضرار بالحمل على الانتظار.

ومن أصحابنا من خرّج الإنفاق على قولين مَصيراً إلى أن الأصل براءة الذمة عن النفقة، وقد انقطع عصام النفقة، ولم نستيقن سبباً متجدداً، وإذا ظهرت أمارُة الحمل، لم نُقم حدّاً ولا قصاصاً محافظةً على الحمل، فلا ضرار في تأخّر العقوبة.

وفي نفي الحمل باللعان تردُّد، [وهو أنا في وجهٍ نرى النسب حريّاً بالثبوت] (٣) فلا نبتدر، بل نتوقف إلى وقوع الاستقلال، وفي قولٍ يجوز اللعان خيفة أن يموت


(١) الخَلِفة: الحامل من الإبل، وجمعها مخاض. كما تجمع المرأة: بالنساء، وهو من غير لفظها. (غريب ألفاظ الشافعي: فقرة: ٨٣٨، والمصباح) وهنا جمعها الإمام بالألف والتاء.
(٢) زيادة من المحقق لإيضاح المعنى.
(٣) عبارة الأصل فيها اضطراب وغير مستقيمة، فقد جاءت هكذا: " وهو في أوانه لا نأمن وجه نرى النسب حرياً بالثبوت ".