للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وتوطين نفس على ما يلقاه، فالرجوع بعيدٌ -وإن كان مقبولاً لو وقع- والشهادةُ واللعانُ في معرض الريْب، وهذه الطريقة فاسدة مخالفة لما عليه جماهير الأصحاب.

فصل

٩٦٨١ - ثم قال: " وزعم بعض الناس ألا يلاعن بحملٍ ... إلى آخره " (١)

أراد أبا حنيفة (٢) فإن من مذهبه أنه لا يجوز اللعان على الحمل.

مقصود الفصل الكلامُ في نفي الحمل باللعان، والترتيبُ فيه أن الزوج إذا أبان زوجته، ثم قذفها، وثَمَّ ولدٌ متعرِّضٌ للثبوت، فقد ذكرنا أن للزّوج أن يلتعن لنفي النسب، فلو كان بها حملٌ، وقد ظهرت الأمارة، فقذفها، وأراد نفيَ الحمل باللعان، فهل له ذلك؟ فعلى قولين: أحدهما - له النفي؛ فإن حكم اللحوق يثبت في الحمل، كما يثبحت في الولد المنفصل، فأشبه الحملُ الولدَ المنفصل.

والثاني - لا يلتعن؛ فإن الحمل غيرُ مستيقَنٍ، واللعان خطرُه عظيم، فلا يسوغ الإقدام عليه بما ليس مستيقناً.

وبنى بعض أصحابنا القولين على القولين في أن الحمل هل يُعْرف؟ وقد أطلق الأئمة في ذلك قولين، ونحن نشرحهما في هذا المقام، ونستعين بالله تعالى.

اتفق العلماء على أن الحمل غيرُ مستيقن، فكيف يفرض التردد في أن الحمل هل يعرف؟ وكم من امرأة يبدو عليها مخايل الحمل غير أنه يتبين أن الذي بها ريح غليظة مختنقة في الرحم تجد المرأة لها من [خُبْث] (٣) النفس، والغثيانِ، ورُبوِّ البطن، واحتباسِ الحيض، ما تراه الحامل، ثم تنفُش (٤) الريح، وينفتح [ ... ] (٥) الرحم.

هذا لا ننكره، وقد يتفق تورّمٌ في الرحم على نحو ما ذكرناه.

فإطلاق القولين في أن الحمل هل يُعلم لا وجه له، إلا أن يُحمل على التعبير عن


(١) ر. المختصر: ٤/ ١٦٥. وفي الأصل: ألا يلاعن الحمل. والتصويب من المختصر.
(٢) ر. مختصر اختلاف العلماء: ٢/ ٥١٠ مسألة ١٠٥٦، المبسوط: ٧/ ٤٤.
(٣) في الأصل: " حيث ".
(٤) تنفش من نفش ينفُش: أي انتشر وتفرق بعد تماسك (المعجم).
(٥) مكان كلمة غير مقروءة قبل كلمة (الرحم).