للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الإيذاءَ، ويزعم أن [المكاني] (١) لا تقْصُرُ في الإيذاء [عن] (٢) الألفاظ المصرّح بها.

وذهب بعض العلماء إلى أن الكناية لا تكون قذفاًً مع النية؛ فإن النية لا تتضمن إيذاء.

[والشافعي] (٣) قسم القذف إلى الصريح والكناية، وفيه سرٌّ، وهو أن الكناية إنما تلتحق بالقذف الصريح إذا فسرها بالقذف الصريح، ثم لا يتأتى منه تفسيرها به إلا بأن يعرب عن قصده، فهذا معنى القصد.

وإن قال قائل: الحدُّ هل يجب بينه وبين الله؟ قيل هو كاذب، ولكن لا يبين كذبُه في حق المقذوف ما لم يفسَّر، ولو روجعنا، فقيل لنا: يجوز أن يترك التفسير أم عليه أن يفسر ليستوجب الحد؟ كان الظاهر عندنا أنه لا يلزمه أن يفسر لو تُرك ولم يُرهَق (٤) إلى البيان بالتحليف، ثم إذا لم يبيِّن، فليس بدعاً أن نقول: لا يستوجب الحد بينه وبين الله تعالى، وإن حُمل على البيان وعُرضت عليه اليمين، فلا رخصة في يمين الغموس، فإن نكل، لم يَخْفَ إجراءُ الخصومة إلى منتهاها.

فحاصل القول: أن الكناية التي تُوقع حكماً مع النية كالطلاق، وتنزل منزلة الصريح باطناً، والحدُّ يجب زجراً للكاذب، والكاني [بالقذف مُؤذٍ] (٥) وإيذاؤه يسلّط المقذوفَ عليه، حتى يكون أحدَ رجلين: إما أن يصرح فَيُحدَّ، وإما أن ينكل. ثم يَرجعُ النظر إلى [تورعّ] (٦) المردود عليه [عن] (٧) اليمين [أو إقدامه] (٨) عليها.

هذا مأخذ الشريعة عندنا.


(١) في الأصل: المكان.
(٢) في الأصل: على.
(٣) في الأصل: فالشافعي.
(٤) يرهق: يقال أرهق فلاناً حمله على ما لا يطيق.
(٥) في الأصل: والقذف.
(٦) في الأصل: التورعّ.
(٧) في الأصل: على.
(٨) في الأصل: أو على إقدامه.