للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وفي كلام الأصحاب ما يدل على أن الحد يجب باطناً، وليس للكاني أن يكتمه، كما ليس لمستوجب القصاص أن يكتم القصاص الواجب عليه، وهذا [مشكل] (١)؛ من جهة أن القذفَ ليس إتلافاً، ولا إنشاءَ حكم، وإنما هو إيذاءٌ بالنسبة إلى فاحشة، وهذا إن كان يحصل بالكناية، فينبغي أن يوجب الحدّ من غير مراجعة، وإن كان لا يحصل بالكناية، فالقصد لا يؤثر في مزيد الإيذاء.

وقد انتهى غاية ما نحاوله.

ثم إذا حلف أنه لم يقصد القذف، فالتعزير يثبت بالكناية، ولا يخلو ما جاء به عن نوعٍ من العقوبة الرادعة.

٩٦٨٦ - فإذا تمهد هذا الأصلُ، فليخرج من الاحتمالات تفسيرُ اللفظ الذي نحن فيه بالزنا؛ فإنه إن جرى ذلك، كان ما ذكره قذفاً، ويتعلق به أحكام قذف الأزواج.

٩٦٨٧ - فإن زعم أنه ما أراد نفيَ النسب، وإنما أراد أن الولد ليس يشبهني خلْقاً وخلُقاً، [فظاهر] (٢) النص هاهنا أن هذا التفسير مقبول منه، وإن نازعت، فسنذكر كيفيةَ فصل الخصومة.

وقال الشافعي رضوان الله عليه بعد هذا: " إذا قال رجل لإنسان لست ابنَ فلان، فنفاه عن أبيه المشهور، ثم زعم أنه أراد بذلك أنك لا تشبهه شيمةً وسجيّةً وكرماً وخيراً، فلا يقبل هذا التفسير منه، ويجعلُ قذفاًً صريحاً، فاختلف أصحابنا في قول الزوج (٣) وقول الأجنبي على طريقين: فمنهم من قال: فيهما قولان نقلاً وتخريجاً: أحدهما - أن اللفظ صريح في القذف، ووجهه جريانُ العرف على الاطّراد بإرادة القذف بهذا اللفظ، والنسبُ لا ينفى صريحاً إلا والمراد به النسبةُ إلى الغيّ ونقيض الرشد، والصرائح إنما تؤخذ من الشيوعِ وعمومِ القذف؛ إذا لم يكن [للشرع] (٤) تعبد في حصر الألفاظ.


(١) في الأصل: مسلك.
(٢) في الأصل: وظاهر.
(٣) أي قول الزوج لست ابني.
(٤) في الأصل: للشيوع.