للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والقول الثاني - أن هذا اللفظ ليس بصريح؛ فإنه ليس فيه تعرّض للزنا، ولا لغيره، واللفظة مؤوّلة في نفسها.

[وهذا] (١) هو الأصح.

ومن أصحابنا من أقر النصين قرارَهما، وقال: إن كان القائل أباً، فهذا محتمل منه بتأويل تأديب الابن والتنديد عليه، وإن كان القائل أجنبياً، ولم يكن أباً، فالمحمل الأظهر -وليس الأجنبي في محل التأديب- القذفُ الصريح.

هذا بيان تردد الأصحاب في ذلك.

واختيار المزني طرد القولين، وهذه عادته؛ فإنه يتشوف إلى تخريج القولين مهما اشتمل الكلام على نوعٍ من التردد.

٩٦٨٨ - ونحن نستتم الآن هذا الفصل فنقول: إن لم نجعل هذا اللفظ صريحاً من الأب، فإذا فسره بما ذكرناه من أن هذا المولود لا يشبهني خَلْقاً وخُلُقاً، فلو قالت المرأة: أردتَ به القذفَ، فلها أن تحلّفه، فإن حلف أنه لم يرد به القذفَ والنسبةَ إلى الزنا، وإنما أراد ما أشرنا إليه، برىء من الحد، وإن عرضنا عليه اليمين، فنكل عن اليمين، رُدت على المدّعية، فإن نكلت، كان نكولها كيمين الزوج، وإن حلفت يثبت القذفُ والحدّ.

قال الأصحاب: للزوج أن يلتعن، ولم يتعرضوا لتجديد قذفٍ، والمذهبُ فيه أن الزوج إذا جدد قذفاًً بُني اللعان عليه، وانتفى الحد عنه، وإن لم يجدد قذفاًً، وأراد الاكتفاء بما مضى، فقد ذكرنا أصل هذا فيه إذا ادعت المرأة على زوجها أنك قذفتني، فأنكر الزوج، وأقامت المرأة البينة على أنه قذفها، فهل يلاعن من غير قذف جديد؛ فيه تفصيل قدمناه.

ويتجدد في هذه المسألة أصلٌ آخر لا بد من التنبه له، وهو أن الزوج إذا كنى وثبتت الكناية بيمينه، فقد ذكرنا أن الكناية توجب التعزير؛ من حيث إنها تؤذي،


(١) في الأصل: فهذا.