للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[فلكلامها] (١) جهاتٌ في الاحتمالات: أحدها - أن تريد نفي الزنا، وقد يعتاد مثل هذا، فكأنها قالت: لم أزن، وهو بمثابة قول القائل - وقد قال له صاحبه: يا سارق: سرقتُ معك، والمراد لم أسرق كما لم تسرق.

قال الأصحاب في مسألة الكتاب: إن أرادتْ ذلك، قُبل قولُها مع يمينها، فإن حلفتْ، فلا حدّ عليها للزوج.

ونحن نستتم النقلَ، ثم نرجع بالمباحثة إلى محالّ الإشكال.

[فلو] (٢) قالت: زنيتُ بك، وزعمتْ أنها أرادت ما مكّنت أحداً سواك، وأنت أعلم، فإن كان زِناً، فاحْسبه كذلك، فتأويلها هذا مقبول مع يمينها، كما قدمناه.

ولو قالت: أردت بذلك أني زنيتُ به قبل النكاح، فهي قاذفةٌ ومقرّةٌ بالزنا، فيسقط حدُّ القذف عن الزوج [لإقرارها] (٣) بالزنا، وتُحدّ هي حدَّ القذف أولاً، ثم تحدّ حدّ الزنا.

فإن رجعت عن إقرارها بالزنا، نفعها رجوعُها في سقوط حد الزنا عنها، ولم ينفعها في إسقاط حد القذف؛ فإنه حدٌّ لآدمي، والعقوبات التي هي حقوق الآدميين لا تسقط بالرجوع عن الإقرار بها.

والذي يجب إنعام النظر فيه أن الرجل إذا قال لأجنبيةٍ أو لزوجته: قد زنيتُ بك، فلست أرى هذا اللفظ قذفاً لها صريحاً، فإنه إذا استكرهها، فهو زانٍ بها، وليست هي زانية، وإذا لم تكن زانية، لم يكن نسبتُها إلى ذلك قذفاًً منه، فيراجَع، فإن ذكر ما أشرنا إليه، كان محتملاً، وإن فسره بكونها مطاوعةً، فالذي تقدم منه قذفٌ؛ فإنّ قوله زنيتُ بك مشعرٌ بمطاوعتها، وقد يحتمل خلاف ذلك، ولو قلنا إشعاره بالمطاوعة في مجرى العرف أغلب لم نبُعد، فكان قوله كنايةً في القذف.

كذلك إذا قالت المرأة زنيتُ بك، فما جاءت به كنايةٌ في قذفه؛ فاتسع المجال في


(١) في الأصل: ولكلامها.
(٢) في الأصل: ولو.
(٣) في الأصل: لإقرار.