للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الرجوع إلى قصدها، وأما قولها: زنيتُ؛ فإنه صريحٌ في الإقرار بالزنا، وحمل هذا على التعقيدات التي ذكرناها يُحْوِجُ إلى مزيد تقرير.

٩٧٠٢ - وأنا أقول فيه: إذا أمكن تأويله -وإن بَعُد- فقبوله في دراء حد الزنا غير بعيد؛ فإنها [لو] (١) أقرت بالزنا الصريح، ثم رجعت قُبل رجوعُها، فإبعادها في التأويل لا يبعُد أن يُقبل.

وإنما محل الإشكال أن المقذوفة إذا أقرت بالزنا، سقط حدُّ القذف، فإذا حملت كلامَها على المحمل الذي ذكره الأصحاب، فقبول قولها مع يمينها وإثباتِ حق الطلب لها في حد القذف قد يغمض، ثم لا سبيل فيه إلاّ جريانُ العرف بمثله في المهاترات والشتائم، وإذا تنبه المرء لما ذكرناه مهّد عذرنا بعد التنبيه للإشكال.

وقد قال الأصحاب: إذا ادعى رجل على رجل مالاً، فقال: زِنْه هل يكون هذا إقراراً أم لا؟ فيه تردُّدٌ، ولو قال: زِن، ثم زعم أنه لم يُرد الإقرارَ، قُبل قوله، وقوله: زنه لم يبعد حمله على المهاترات، ولكن التعقيدات والمكاني بالمشاتمات أَلْيق، ولا خلاف [أن] (٢) من يدعى مالاً، فلا حاجة إلى حمل الإجابة على الهُزْء.

فهذا ما أردنا أن نذكره في ذلك.

وقد ذكر الصيدلاني: أن المرأة إذا قالت: زنيتُ بك، وأرادت الاعترافَ بالزنا على نفسها، فهذا قذف منها للزوج، ومساق هذا يقتضي أن الرجل إذا قال لامرأته: زنيتُ بك، فيكون قاذفاً لها، وهذا عندي غير سديد؛ فإن القذف نسبة المقذوف إلى صدور الزنا منه، وهذا لم يتحقق في المسألتين: إذا قال الرجل: زنيتُ بكِ، أو قالت المرأة: زنيت بكَ، فما أرى هذا إلا غفلة (٣).


(١) في الأصل: له.
(٢) في الأصل: على.
(٣) تعقب ابن أبي عصرون إمام الحرمين، وردّ عليه نسبةَ الصيدلاني بالغفلة، فقال: "قلت: والحكم بعدم السداد فيه غفلة؛ لأن قوله: زنيت بك إن كان لفظه إضافة الزنا إليه، فهو أمر مشترك بينهما، فمن ضرورته أن يكون أضافه إلى صاحبه، إلا أن يقول: كانت مكرهة أو نائمة، أما إذا لم يرد شيئاً، فالقول سديد" ا. هـ (ر. صفوة المذهب: ج ٥ ورقة: ١٢٦ شمال).