للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يجري في الخصوم إذا ازدحموا، كما سيأتي ذكره في كتاب أدب القاضي.

ومن أئمتنا من خصص هذا التردد بالقذف واللعان في الصورة التي ذكرناها؛ من حيث اعتقد أن الأمر قريب والخصومة متجانسة.

٩٧١٧ - ثم قال: "فلو أقر أنه أصابها في الطهر الذي رماها فيه ... إلى آخره" (١).

إذا أراد نفيَ الولدِ المتعرضِ للثبوت باللعان، فله ذلك، كما قدمناه، فلو اعترف بأني وطئتها، ولم يدّع استبراء بعد الوطء، وقد أتت بالولد لزمان يُحْتَمل أن يكون العلوق به من الوطء الذي اعترف به، فله أن ينفي الولدَ باللعان -وإن لم يدّع بعد الوطء استبراءً- خلافاً لمالك (٢)؛ فإنه قال: إذا اعترف بالوطء، لم يكن له أن يلاعن حتى يدّعي الاستبراء بعد الوطء، فإذا ادعاه، كان له الالتعان، ويكفي الدعوى، فلا حاجة إلى إثبات الاستبراء بإقامة البينة على إقرارها به.

ثم لما ذكر الشافعيُّ مذهبَ مالك [قال: وقد نجد] (٣) لمذهبه متعلقاً من قصة العجلاني؛ فإنه لما قذف امرأته بشريك بن السحماء، قال فيما قال: لم أقربها في الطهر الذي زنت فيه، فكان ذلك ادّعاء استبراء منه. ثم أجاب الشافعي بأن العجلاني إنما قال ما قال، اتفاقاً، لا أنه شرط، فليس كل ما أجراه العجلاني يجب أن يُعتَقَدَ شرطاً؛ فإنه سمى المدَّعَى به، وذكر أنه ما أصابها منذ أشهر، وتعرض رسول الله صلى الله عليه وسلم لأوصاف المولود فقال: إن جاءت به أُدَيعج خَدَلّج الساقين، فلا أراه إلا وقد صدق عليها، وكل ذلك مما لا يشترط.

ومن تمام كلام الشافعي أنه قال: ولا معنى للاستبراء في انتفاء الولد؛ فإنها قد ترى الدم على الحَبَل، وإن اختلف العلماء في أنها حيض أم فساد. فأشار بهذا إلى أن


(١) ر. المختصر: ٤/ ١٨٠.
(٢) ر. القوانين الفقهية: ٢٤٢، جواهر الإكليل: ٢/ ٢٨٧.
(٣) زيادة اقتضاها السياق، وعبارة الشافعي في المختصر: "وذهب بعض من ينسب إلى العلم أنه إنما ينفي الولد إذا قال: " استبرأتها "، كأنه ذهب إلى أن نفي ولد العجلاني إذا قال: لم أقربها منذ كذا وكذا" (ر. المختصر: ٤/ ١٨٠).