للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الاستبراء وإن جرى، فلا يمتنع أن يكون العلوق من الزوج.

٩٧١٨ - وهذا منتهى كلام الشافعي في التفصيل (١)، وفيه غائلةٌ عظيمةُ الوقع، وذلك أنا قدمنا أن الرجل إذا وطىء امرأته في طهرٍ، لم يستبرئها، ثم عاينها تزني في ذلك الطهر، ولم يتخلل استبراءٌ، فإذا أتت بولدٍ لزمانٍ يُحْتَملُ أن يكون العلوق به من وطئه، ويحتمل أن يكون العلوق به من الزنا، فلا يحل له نفي المولود والحالة هذه، وإنما يَنْفي المولودَ إذا استبرأها بعد الوطء، وجرى الزنا بعد الاستبراء، وأتت بالولد لزمان يحتمل أن يكون العلوق به من وطء الزوج ومن السفاح؛ فإذ ذاك نقول: له [أن] (٢) ينفي، وذكرنا تردداً في وجوب النفي وجوازه، وقد قال الشافعي في هذا الفصل ما قال.

فإن حمل حامل كلامه في هذا الفصل على أن الاستبراء لا أثر له، واعتضد بقول الشافعي في آخر الفصل: " لا معنى للاستبراء في نفي الوليد "، فيكون مضمون هذا الفصل مخالفاً لما قدمناه لا محالة، ويجب على قياسه أن [يكون] (٣) له النفي إذا جرى الزنا -وإن لم يتخلل استبراء- إذا أمكن أن يكون العلوق من ذلك الزنا.

وهذا ليس بعيداً من جهات الاحتمال لو كان مذهباً لذي مذهب.

ويجوز أن يقال: ليس يحل له أن يلتعن إذا لم يجر استبراء بين الوطء والزنا، بينه وبين الله، ولكنه إذا جاء يلتعن، فليس عليه أن يذكر أني استبرأتها؛ وذلك أنه لو ذكر هذا، لكان مدّعياً في ذكره، ولو مست الحاجة إلى ذكره، لمست الحاجة إلى إثباته، والقذف في اللعان يبتني على لوب لا يجب إظهاره للقاضي، ولكنه مرعي في حق الزوج بينه وبين الله، واللوث الذي يجب إظهاره لوثُ الدم في أيمان القسامة.

والشافعي كرر في الفصل تعرضَ الزوج لذكر الاستبراء، وأبان أنه لا يجب ذلك، ولولا قوله في آخر الفصل: " إن الاستبراء لا أثر له "، لكنا نقطع بأنه أراد بما قال أن


(١) كذا. ولعلها: في الفصل.
(٢) زيادة لوضوح الكلام.
(٣) في الأصل: كل.