للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ثم [ادّعاء] (١) القاضي فيه الوفاقُ مع أبي حنيفة (٢) [وجَرْيٌ] (٣) معه في معارضات في مسألة [سنذكرها] (٤) الآن.

ومن أهم ما يجب الاعتناء به أن العفة عن الزنا لا يُنحَى [بها] (٥) نحو التعديل، فإذا كان الأمر كذلك، ثم التائب من الزنا يعدّل إذا حسنت حالته، وظهر عدالته، فكيف يسوغ القطع بتأبّد سقوط الحصانة، ولو لم يكن فيه إلا تهدّف الإنسان [لشتيمة] (٦) الخلق من غير أن يحاذروا حدّاً رادعاً، لكان في هذا كفايةٌ في إيضاح ما ذكرناه من الاحتمال.

٩٧٢١ - ووجدت الطرق متفقةً على أن من رأيناه يراودُ ويشبِّب ويحوّم على طلب الزنا، ولم يثبت منه الزنا، فهو مُحصَنٌ في القذف، فلا أثر للمراودَات والمقدِّمات.

٩٧٢٢ - ومما يليق بما نحن فيه أنه لو قذف شخصاً والتزم الحدّ في ظاهر الحكم، ثم زنى المقذوف قبل إقامة الحد، قال الشافعي: يسقط حدُّ القذف، فإنا نستبين بصدور الزنا منه سقوطَ عِرْضه، وقيل: " أتُي عمرُ بنُ الخطاب بزانٍ، وقُدِّم لإقامة الحد، فقال يا أمير المؤمنين: إن هذا مني لأول مرة، فقال: كذبتَ إن الله أكرم من أن يفضح عبده بأول جريمة " (٧).

هذا نصُّ الشافعي.

وقال المزني: لا يسقط الحد بطريان الزنا، وكنا نقدّر هذا تخريجاً في المذهب،


(١) في الأصل: ادّعى.
(٢) ر. مختصر الطحاوي: ٢٦٦، بدائع الصنائع: ٧/ ٤٠ - ٤١.
(٣) في الأصل: وأجراه معه.
(٤) في الأصل: فسنذكرها.
(٥) في الأصل: به.
(٦) في الأصل: بشتيمة.
(٧) قال الحافظ في التلخيص: هذا لم أره في حق الزاني، إنما أخرجه البيهقي (٨/ ٢٧٦) عن أنس أن عمر أُتي بسارق فقال: "والله ما سرقت قط قبلها. فقال: كذبت، ما كان الله ليسلم عبداً عند أول ذنب، فقطعه". وإسناده قوي. (ر. تلخيص الحبير ٢/ ٤٥٠).