للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ويترتب عليه أيضاً أنه إذا أقر بالوطء -على قولنا: إنه يعتبر إقراره- فلو ادعى الاستبراء، فالمذهب الأصح الذي يدل عليه النصوص أن دعوى الاستبراء لاغية، ووجه دلالة النصوص قَطْعُ الشافعي قولَه بجريان اللعان، مع العلم بأن اللعان في النكاح الفاسد إنما يجرى للضرورة الداعية إلى نفي النسب المتعرض للثبوت، وقد أوضحنا في كتاب اللعان [أن اللعان] (١) حجةُ ضرورة، وأبعد بعض أصحابنا، فجعل النكاح الفاسد كملك اليمين في دعوى الاستبراء: تؤثر فيه، وهذا بعيد عن قاعدة المذهب.

فصل

قال: " فإن قيل: لمَ لمْ تنفوا الولد إذا أقرت بانقضاء العدة ... إلى آخره " (٢).

٩٨١٣ - إذا طلق الرجل امرأته وزعمت أنه مرّ بها الأقراء الثلاثة، وادعت ذلك في زمان ممكن محتمل، واقتضى الحال تصديقَها، والحكمَ بأنها خلت عن العدة وحلّت للأزواج، فلو أتت بولد لزمان يحتمل أن يكون العلوق به من النكاح: مثل أن تأتي به لأربع سنين فما دونها، فالولد يلحقُ، وإن جرى الحكم بتصديقها، ونتبين أنها كانت ظنت انقضاء العدة، وما كانت منقضية، هذا مذهبنا.

ونكتة المذهب أن الاحتمال في لحوق النسب كاليقين في وضع الشرع، وصُور الأقراء تزاحمه، وقد اتفق العلماء، وشهدت المشاهدة على أن الحامل قد ترى الدمَ على ترتيب أدوار الحيض، وإنما الخلاف في أنه هل يحكم بكون ما تراه حيضاً في أحكام العبادات، وتحريم الوقاع ونحوه، فإذا أتت بالولد لزمان الإمكان، لحق وإن أُفحمنا حيضاً وأقراءً.


(١) زيادة اقتضاها السياق.
(٢) ر. المختصر: ٥/ ١٤. وعبارة المختصر تختلف لفظاً عن هذه، فهي: "فإن قيل: فكيف لم ينف الولد إذا أقرت أمه بالعدة".