للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

العدة على التفصيل الذي ذكرناه الآن في أنها [هل] (١) تلزم مسكن النكاح، أو لا تلزمه؛ وإن قلنا: لا تجب النفقة في النكاح لا تلزم السكنى في العدة.

٩٨٣٨ - ولو نشزت الزوجة الحرة على زوجها، وسقطت نفقتها، فطلقها زوجها، أو مات عنها، ونعني بالطلاق الطلاقَ المُبينَ، قال القاضي: لا سكنى لهذه في العدة، كما لا نفقه لها في النكاح.

وهذا فيه نظر؛ فإن النشوز معنًى طارىء، وأصل النكاح على استحقاق النفقة ومهما (٢) تركت المرأة النشوزَ، فهي على استحقاقها، فموجب النفقة إذاً قائم في النكاح، ولكن لا تجب النفقة لانعدام محل العلة، وليس كذلك الأَمة؛ فإن القول فيها في استحقاق النفقة، وفي تعيين مسكن النكاح مضطرب، كما أشرنا إليه.

فالوجه أن يقال: إذا مات زوج الناشزة أو طلقها ألبتة المبينة، فيلزمها أن تلزم مسكن النكاح؛ فإن هذا تعبّدٌ من جهة الشرع، ولقد كان لها مسكن مستحَقٌ في النكاح، فيلزمها أن تلزمه تعبّداً من الله عز وجلّ. نعم، لو لم تُلْفَ في مسكنٍ، واستمر النشوز والاستعصاء على الزوج، وعدم السكون في مسكن يعيّنه، فبانت، فهذه لم يُعهد لها مسكن نكاح، حتى يقال: إنها تلزمه إلى انقضاء العدة، ففي هذه الحالة يظهر إسقاط مسكن النكاح.

ويبقى النظر في أنها لو نزلت عن نشوزها، وطلبت مسكناًً تعتدّ فيه، فهل تجاب، وقد انكفت عن نشوزها؟ وهل يتصور الرجوعُ إلى الطاعة بعد البينونة؟ هذا محتمل جداً.

فأما إذا نشزت على زوجها في مسكن النكاح؛ فكانت لا تطاوعه، فقد سقطت نفقتها، وسقط أيضاًً عن الزوج مؤنة إسكانها، فإذا أصابتها البينونة، والحالة هذه، فهل تلزم مسكنَ النكاح؟ يظهر هاهنا أن تلزَمه رعاية للتعبّد والحقِّ الدّيني الذي لا يسقط بالتراضي.


(١) في الأصل: هذا.
(٢) مهما: بمعنى إذا.