أخرى لتنزهٍ أو غيره، وكان أذن لها في أن تقيم أياماً؛ فإذا طلقها، رجعت إلى مسكن النكاح، بلا خلاف، ولو فُرض مثل ذلك في سفر النزهة، ففي الرجوع قبل استيفاء المدة الخلافُ الذي قدمناه.
والفرق في ذلك أن الانتقال من دار إلى دار لقصد الزيارة ليس من الأشغال التي يبالَى بها، وليس في قطع المدة -إذا لم يكن سفر- ضرار، وقد يتصور في قطع السفر وقطع المدة المأذون فيها تفاوتٌ في ترتيب المعايش وتعطّلٌ في المطاعم، فهذا هو الذي أوجب الفرق.
فأما إذا فرض الانتقال، فهو أمر مقصود يُحمل على غرض صحيح، ولا فرق في ذلك بين مسكنين في بلدة واحدة وبين بلدتين أو قريتين، فغرض الانتقال يقرب في ذلك، والعلم عند الله عز وجل.
فهذا ما أحببنا التنبيه عليه.
٩٨٦٥ - ويتصل بهذا المنتهى أن الزوج إذا أذن لزوجته في الاعتكاف عشرة أيام تباعاً، فشرعت في الاعتكاف، ثم لحقها الطلاق، فهل يلزمها أن تقطع الاعتكافَ وترجعَ إلى التربص في مسكن النكاح؟ فعلى قولين: أحدهما - أنها تستوفي ما شرعت؛ فإنها لابست اعتكافاً مفروضاً، وبنته على إذنٍ صحيح، ونحن نجوّز أن يمتد -من جهةٍ- سفرُها إذا كان السفر متعلقاًً بغرض صحيح حتى لا يلحقَها ضرر، فلا نكلفها أن تقطع فرضاً شرعت فيه.
والقول الثاني - أنها تقطعه، فإن لزوم العدة ورعايةَ شرائطها أثبتُ؛ من جهة أنها تلزم شرعاً، والاعتكاف المنذور مما [يُدخله](١) الناذر على نفسه، فلا يبلغ تأكُّده مبلغ تأكد ما يجب شرعاً، وجوباً لا دفع له.
ومما يجب ذكره في هذا المقام أن قطع مدة العبادة الواجبة مع اتحاد البلد من غير فرض سفر خرج على قولين خروج المدة المضروبة للنزهة في السفر.
ويتبين للإنسان بهذه المسائل افتراقُ الحضر والسفر، والأمر دائر في ذلك كلِّه على