للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مأخذ واحد، وهو النظر إلى الأغراض وتأكُّدِها.

٩٨٦٦ - ثم لا يتبين حاصل ما ذكرنا الآن إلا بالتفريع: فإن قلنا: إنها تقطع الاعتكاف، وتتربص في مسكن النكاح، فإذا انقضت العدة، فهل يُحكم بأنها تبني على ما مضى من الاعتكاف، أم تستأنف؟ فعلى قولين قدمنا ذكرهما في كتاب الاعتكاف، وذكرنا أمثلةَ هذا الفن.

والذي أراه في ذلك أن القولين في أنها هل تقطع الاعتكاف مأخوذان من القولين في أن التتابع هل ينقطع؟ فإن قضينا بأن التتابع لا ينقطع، لزمها العود إلى مسكن النكاح، حتى إذا انقضت العدة، عادت إلى معتكفها، وبنت على ما مضى، وإن حكمنا بانقطاع التتابع، فالأشبه أن لا يلزمها الرجوع إلى مسكن النكاح؛ فإن ذلك إحباطُ ما تقدم من اعتكافها، ونحن نجوّز للمعتدة أن تخرج من مسكن النكاح في أوطارٍ لها وحاجاتٍ لا تبلغ مبلغ الضرورة.

هذا حاصل القول في هذه الفصول.

٩٨٦٧ - ثم لما ذكر الشافعي سفر النزهة والنقلة، نقل المزني عنه لفظةً واختلفت الرواية فيها، قال: قال الشافعي: " لا تقيم في المصر الذي أَذن لها في السفر إليه، إلا أن يكون أَذن لها فيه، والنقلةِ إليه، فيكون ذلك عليها " (١) وفي بعض النسخ "فيكون ذلك لها". والروايتان صحيحتان، فمن قرأ: " فيكون ذلك عليها " رجع به إلى مسألة النُّقلة؛ فإن مصابرة المكان المنتقَلِ إليه حتم، كما قدمناه.

ومن قرأ "فيكون ذلك لها" صرف ذلك إلى " ما أَذن لها في مقام مدة " فيكون هذا أيضاً على أحد القولين.

وقد انتجز الغرض في هذه المعاني.

٩٨٦٨ - وذكر الشافعي بعد عقد هذه الأصول مسائل مقصودة في أنفسها وهي تبين القواعدَ السابقةَ، فمما ذكره أن المرأة إذا خرجت مسافرة مع الزوج، فطلقها أو مات عنها في أثناء الطريق، لزمها أن ترجع على أدراجها إلى مسكن النكاح، فتعتدَّ فيه،


(١) ر. المختصر: ٥/ ٣٢. وعبارة النسخة التي معنا من المختصر: " فيكون ذلك عليها ".