ولا نقول تتمادى إلى مقصدها، بخلاف ما لو أذن لها الزوج في سفر يلحقها الطلاق في أثنائه، والفرق أنها إذا خرجت مع زوجها، فسفرها منوط بصحبته، فقد انقطعت الصحبة، وما خرجت مستقلة، فوقوع الطلاق بمثابة انتهاء السفر.
وإذا خرجت بنفسها لغرضٍ لها، وقد تأهبت، فتتضرر بقطع ما همّت به.
ومما ذكره أنها إذا أحرمت بإذن الزوج، ثم طلقها، فإن كان الوقت ضيقاً، خرجت وأنشأت السفر، وإن كان الطلاقُ لحقها وهي بعدُ مقيمة؛ فإن التحلل من الإحرام غير ممكن، وتكليفُها مصابرةَ الإحرام صعبٌ لا يحتمل، وبدون ذلك يجوز لها مفارقة مسكن النكاح، وإذا ضاق الوقت، فينضم إلى ما ذكرناه أنها لو صابرت فاتها الحج.
وإن اتسع الوقت أو كانت محرمة بعمرة، فقد اختلف أصحابنا في ذلك: فمنهم من قال: يلزمها ملازمةُ مسكن النكاح إلى انقضاء العدة؛ إذ ليست على خشية من الفوات والعدة ناجزة لا تقبل التأخير.
والوجه الثاني - وهو الذي اختاره القاضي وقطع به، أن لها أن تخرج، فإن مصابرة الإحرام مع ما فيه من وجوب التوقي عن أخذ الشعر والظفر واجتناب الطيب صعب، وفيه تعرض لالتزام مغارمَ كثيرة، وقد ذكرنا أنا بدون ما أشرنا إليه يجوز مفارقةُ مسكن النكاح.
ولو كان الزوج أذن لها في الحج، فلم تخرج، فطلقها، فأحرمت بالحج، وقد لحقها الطلاق في الحضر، فلا ينبغي لها أن تخرج، فلا حكم للإذن المتقدم؛ فإنه ينقطع أثر إذن الزوج بالطلاق. نعم، إذا خرجت تؤم البيت، فطلقها، فلها أن تستدَّ على وجهها، والذي ذكرناه فيه إذا لحقها الطلاق قبل أن تخرج.
وقد قدمنا فيما مضى معنى الخروج، فإنه مفارقة خِطه البلدة، ومفارقة مسكن النكاح.
ثم ذكر الشافعي مسائل في حج النسوة وأنهن متى يخرجن، ومتى يلزمهن الخروج إلى الحج، وقد قررنا هذه المسائل في موضعها من كتاب الحج، وقد انتهى المقصود من الفصلين.