للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

٩٨٧٩ - فأما الكلام في الألوان، فالقول الضابط فيها، أن كل لون تُصبغ الثياب به طلباً للزينة، فيحرم على المرأة لُبس الثوب المتلون به، وكل ما لا يقصد بصَبْغ الثوب به الزينةُ، فلا يحرم على المُحدّة لُبسُ الثوب المتلون به، فالأَسْود الكَمِد (١)، والاكْهب (٢) الكمِد، وما في معناهما لا يمتنع صبغ المُحِدَّة به، فأما الثوب الأحمر الخضِل (٣) البراق، والأصفر الفاقع، وما أشبههما [فيحرم] (٤).

والمعنى المعتبر المطّرد في جميع الألوان: البرّاق المستحسَنُ في الملابس، ورب لونٍ كمِد يصقل الثوبَ المصبوغَ به فيُلْفى برَّاقاً، ولا يزداد [بالصبغ] (٥) إلا سماحة.

ثم لا فرق فيما نمنع ونجيز بين ما يصبغ بعد النسج وبين مايصبغ غزله وينسج مصبوغاً، وإنما الممتنع ما ذكرناه من قصد الزينة، وليس ذلك خافياً في الناس.

وعن أبي إسحاق المروزي أنه قال: الممنوع ما صبغ بعد نسجه، فأما ما صبغ غزله ونسج، فلا منع فيه، وإن كان حسن المنظر، وهذا الذي ذكره يُبطله الخبر، وقاعدة الباب.

أما الخبر، فقد روي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم: " نهى المحِدّة عن لُبس عَصْب اليمن " (٦)، وهي من برود حِبَرة (٧)، يصبغ غزلها ثم ينسج.


(١) الكمد: الذي لا صفاء فيه، وفعله: كَمِد (من باب تعب) أي تغير لونه، وذهب صفاؤه.
وكمِد الثوب: أخلق فتغير لونه. (المعجم والمصباح) فالمعنى الثوب الأسود الحائل السواد الذي لا صفاء فيه.
(٢) الأكهب: يقال: كهِبَ لونه يكهَبُ كَهَباً: علته غبرة مشربة سواداً، فهو أكهب (المعجم).
(٣) الخضِل: من خضِل يخضَل خَضَلاً: إذا نَعُمَ، ومن معانيه أيضاً: ندي وابتل، فالمعنى الثوب الأحمر اللامع الزاهي الناعم (المعجم).
(٤) زيادة اقتضاها السياق.
(٥) في الأصل: بالصقل.
(٦) هذه الرواية في النهي عن لبس عصب اليمن جاءت في رواية البيهقي من حديث أم عطية رضي الله عنها. وقد روي حديث أم عطية من عدة طرق كلها بإباحة عصب اليمن للمحتدة؛ والنص على استئنائه من النهي، ولذا علق البيهقي على رواية النهي قائلاً: ورواية الجماعة بخلاف ذلك. (ر. السنن الكبرى للبيهقي: ٧/ ٤٣٩).
(٧) حبرة: وزان عنبة. والإضافة هنا بيانية (معجم ومصباح).