للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وأما قاعدة الباب فالنهي عن الزينة، وهذا لا يختلف بأن يصبغ الثوب منسوجاً، أو ينسج مصبوغاً، وقد يكون المنسوج من الغزل المصبوغ أحسنَ منظراً وأكثرَ رونقاً.

ولو صبغتْ ثوباً خَشِناً غليظاً [بصبغ] (١) براق، فقد تردد صاحب التقريب في ذلك، ثم حكى قولين، وما ذكره محتمل؛ فإن الصبغ في نفسه وإن كان حسناً، فلا تحصل الزينة به ما لم يكن الثوب المصبوغ به على اقتصارٍ في الغلظ، فإذا فحشت الخشونة، وإن حسن اللون، لم يعدّ لابسه متزيناً، ويجوز أن يحمل منعه على الرائي (٢) من البعد، وهذا لائق بغرض الباب؛ فإن النسوة لا يخامرن الرجال، بل يَلُحْن لهم من البعد. فهذا بيان ما يتعلق بالملابس.

٩٨٨٠ - فأما النوع الآخر، فهو ما يتعلق باجتناب الطيب، وما يدنو [منه] (٣) فالكلام في هذا يتعلق بقسمين: أحدهما - اجتناب الطيب، ولا معنى لإطالة التفصيل فيه، فنقول: يحرم على المحِدة من هذا القبيل ما يحرم على المُحرِم، وقد تفصل ذلك في كتاب الحج على أبلغ وجهٍ في البيان.

والنوع الثاني - ما يتعلق بالزينة وإن لم يكن طيباً، كالاكتحال بما يَزِين، قال الشافعي: لا بأس باستعمال الكحل الفارسي، وهو فيما أظن إلى البياض ما هو (٤)، قال الشافعي إنه لا يزيد العين إلا مَرَهاً (٥) وقبحاً.

ونص في بعض المواضع على تجويز استعمال الإثمد، وأجمع الأصحاب على أنه قال في العربيات: ويغلب على ألوانهن السواد، ولا يبين الإثمد في أعينهن؛ فإنهن


(١) في الأصل: يضيق.
(٢) المعنى أنه من على البعد يُعجب ويلفت النظر، ويسرّ الناظر بلونه، فلا تظهر خشونته إلا عن قرب، والشأن المعهود أن النساء يَلُحن عن بعد فهذا وجه المنع مع الخشونة المتناهية.
(٣) زيادة لا يستقيم الكلام بدونها.
(٤) أي شديد البياض.
(٥) المره: خلوّ العين من الكحل، وهو أيضاًَ مرضٌ في العين تَتَقرَّحُ منه. فالمعنى أن هذا الكحل الفارسي الأبيض لا جمال فيه، فهو عكس الكَحَل الذي تُمدَحُ به النساء، ويذكر جمالهن به.
ثم إنه يزيدها تقرحاً. (قلت: لعله يسبب هيجان الدمع من العين مثل بعض الأدوية) لمزيد من معاني المره (ر. المعجم).