للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

مع اخضرار ألوانهن على كَحَل ظاهر في الخلقة، لا يزينهن التكحّل، وإذا استعملت البيضاء الإثمد زانها (١)، وروي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل على أم سلم وهي محِدّة على أبي سلم يعرّض بخطبتها، وكانت قد اكتحلت بالصّبر (٢) فقال صلى الله عليه وسلم: " ما هذا " فذكرت رمداً بعينها، وأنها عالجته بالاكتحال بالصبر، فقال عليه السلام: افعليه بالليل وامسحيه بالنهار " (٣).

وإن كان بالمرأة رمد واحتاجت إلى استعمال كحل [يزينها] (٤) فيتحتم عليها أن تفعل ما رسمه رسول الله صلى الله عليه وسلم لأم سلمة.

وإن مست الحاجة إلى استعمال الكحل نهاراً، فلا بأس؛ فإن المعالجة إذا مست الحاجة إليها، خرج الاتحال عن كونه تزيُّناً، وكذلك إذا مست الحاجة إلى استعمال الطيب، فالأمر على ما ذكرناه.

٩٨٨١ - ولا ترجّل رأسها بالدّهن لما فيه من التزين. والنهي عن ذلك في باب الإحداد أقيس منه في باب الإحرام؛ فإن المحرم ليس ممنوعاً عما يتعلق بالتزين، وإنما يمنع من الطيب، ولا يتضح فيه معنىً.

وإن قال الإنسان -على بُعدٍ-: الطيبٌ داعيةٌ إلى الوقاع ناجزاً من غير ارتقاب تفزٍّ (٥) ومزيد شيء في الجبلّة، فهذا على بعده لا يجري في الترجيل. وإزالةُ الشعث والغبر


(١) معنى هذا أن تحريم (الإثمد) خاص بالبيضاء التي يظهر في وجهها، هكذا نقله الإمام عن (إجماع) الأصحاب، لكن الرافعي بعد أن نقل هذا عن الإمام، قال: " والظاهر عند أكثرين، أنه لا فرق بين البيضاء والسوداء، قالوا (أي الأكثرون): أثر الكحل يظهر في بياض العين، ويدل عليه إطلاق الأخبار " (ر. الشرح الكبير: ٩/ ٤٩٥).
(٢) الصبر: كحل أصفر اللون. قاله الرافعي (السابق نفسه).
(٣) حديث أم سلمة رضي الله عنها في الإحداد والكحل رواه أبو داود: الطلاق، باب فيما تجتنبه المعتدة في عدتها ح ٢٣٠٢، والنسائي: الطلاق باب الرخصة للحادة أن تمتشط بالسدر، ح ٣٥٣٧، ورواه البيهفي في المعرفة (٤٦٧٩)، وانظر التلخيص ٣/ ٤٧٧ ح ١٨١٩.
(٤) في الأصل: زنها.
(٥) التفزي التوقّد والنشاط: فزّ الرجل فزازة وفُززة: نشط وتوقد (المعجم).