للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

ليست محرمة؛ فإن المُحرم [يستحم] (١) ويتدلك ويزيل الوسخ، ولكن يثبت في الآثار إلحاقُ الترجيل بالتطيب.

والمرأة أمرت بالإحداد، حتى لا تتزيّن؛ فيبعد (٢) نهيها عن الطيب؛ ولا تزين فيه بُعْد نهي المحرم عن الترجل ولا تطيب فيه، والبابان على الجملة يتلاقيان.

ثم قال الأصحاب: المحرم ممنوع عن ترجيل لحيته بالدهن، كما أنه ممنوع عن ترجيل لِمّته، ثم قالوا: لو كان للمرأة لحية فرجّلتها بالدهن عَصَت ربها، فإن اللحية، وإن كانت تشينها، فالترجيل يغُضّ من القبح، هكذا ذكره الأصحاب.

٩٨٨٢ - والمرأة ليست ممنوعة من التنظف، كالمحرم ولا حرج عليها إذا أزالت الوسخ عن نفسها، ومما لا تؤاخذ به الاستحداد (٣)، فإنها تتأذى لو لم تستحد تأذيها بالوسخ لو كلّفت استبقاءه، وليست هي محمولة في الإحداد على ضِرارٍ تحتمله، وإنما مقصود الإحدد أن لا تُدخل علمى بدنها تزيناً.

ولو أخذت تُجَعِّدُ [الأصداغ وتُضَعِّف] (٤) الطُّرَرَ، فلست أدري ما أقول فيه!! لا يمتنع أن يكون هذا من فن التزين بمثابة استعمال الحلي، وإن لم يكن من الملابس، ولا نص للأصحاب في هذا، والظاهر الاقتصار على المأخذ الذي نص عليه الأولون.

والتحلي باللآلىء فيه تردد عندي؛ من جهة أنه لم يثبت تحريم استعماله على الرجال، وإنما ورد نص التحريم في استعمال الذهب، فإذا لم تكن اللآلىء من


(١) في الأصل: يستجمّه.
(٢) ننبه هنا أن البُعد ليس في نفي الحكم بتحريم الطيب على المحدّة، فقد أكد ذلك التحريم آنفاً بدون ترديد في الرأي، وإنما الاستبعاد هنا في إدراك المعنى والحكمة، أي كما نهي المحرم عن الترجل ولا تطيب فيه من غير إدراك سرّ النهي، فكذلك يقع نهيها عن الطيب ولا تزيّن فيه غير معقول المعنى. ويتضح ذلك من قوله الآتي قريباً. " وحق الناظر ألا يمشي بخطوه الوساع في أبواب التعبدات " والله أعلم.
(٣) نذكر مجرد تذكير أن الاستحداد هو أخذ شعر العانة وإزالته.
(٤) في الأصل: الأصداع، وتصنف.