للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وهذا إذا كان مفروضاً في الحمل يحوج إلى مزيد تأنق في الترتيب، وذلك أنا نقول:

إن كان الحمل من الزوج، والطلاق رجعي، فقد ذكرنا أن الرجعة تصح، وإن كانت ستصير إلى عدة الشبهة، ولكن عدة الشبهة لا تثبت ما لم تضع الحمل، وهل يحل للزوج وطؤها قبل وضع الحمل؟ فعلى وجهين.

فإذا تبين هذا، عدنا إلى ترتيب النكاح، فلو كان الطلاق بائناً، نظرنا: فإن كان الحمل من الزوج والطلاق بائن، فهل ينكحها؟ إن قلنا: لو ارتجعها والطلاق رجعي لا يحل له [وطؤها] (١) في مدة الحمل، فإذا نكحها والطلاق بائن، ففي المسألة الوجهان؛ فإن النكاح لا يستعقب حِلاً بوجه، هذا هو الذي أوجب تخريج الخلاف.

وإن قلنا: لو ارتجعها، لاستحلها، فهل يجدِّد النكاحَ؟ هذا يترتب على ما إذا قلنا: إنها تحرم في مدة الحمل، فإن قلنا ثَمّ: يصح النكاح، فلأن يصح النكاح هاهنا أولى.

وإن قلنا ثَمّ: لا يصح، فهاهنا وجهان، والفرق أنا لو قدرنا صحةَ النكاح، لاستعقب النكاح حلاً؛ تفريعاً على ما انتهينا إليه.

فإن قيل: ما وجه فساد النكاح إذا كان يستعقب حلاً؟ قلنا: إنها ستصير إلى عدة الشبهة، وهذا فيه ضعف؛ فإن مصيرها إلى عدة الشبهة إذا لم يُوجب تحريمها في الحال ينبغي أن لا يمنع نكاحها. ثم إذا صارت إلى عدة الشبهة، فهذه عدة طارئة على النكاح.

ولو طلق زوجته واستفتحت الأقراء، ثم وُطئت بالشبهة بعد مضي قرء، وعلقت عن الواطىء بالشبهة، فعدة النكاح تنقطع لا محالة، وتصير معتدة عن الواطىء بالشبهة، ثم إذا وضعت الحمل، بَنَت على ما مضى قبل العلوق، فتستكمل عدة الزوجية بقرأين، وليس المعنيُّ بانقطاع العدة إحباطَ ما مضى، ولكن المراد الانقطاعُ مع الاحتساب بما مضى.


(١) زيادة اقتضاها السياق.