واحدة، وعدم تقسيم أرض سواد العراق، وضرب الخراج عليها، وكذا ما كان من عمرَ في سهم المؤلفة قلوبهم، وفي حد السرقة عام المجاعة، وما كان من عثمانَ رضي الله عنه في ضوالِّ الإبل، حيث رأى التقاطها وتعريفها.
ومن المسائل الاجتهادية الأخرى التي جرت بين صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم، واختلف فيها الرأي: ميراث الجد مع الإخوة الأشقاء أو لأب، وفي بعض صور ميراث الجدة، وكذلك المسألة المشركة (الحجرية)، والخلاف في (العَوْل)، وفي حجب الأم من الثلث إلى السدس باثنين من الإخوة، وفي تحريم المرأة تحريماً مؤبداً على من نكحها في العدة، وفي توريث الزوجة المطلقة فراراً من الميراث، وكذلك الخلاف في عدة الحامل المتوفى عنها زوجها، وكذلك الخلاف في نفقة المبتوتة وسكناها، وغير ذلك كثير.
وقد كانت هذه الفتاوى والاجتهادات -بحق- ثروة فقهية، نظر فيها الأئمة المجتهدون، وأخذوا بما قاله الصحابي، ولم يُخالَفْ فيه، أي بما أجمعوا عليه، أما قول الصحابي وراء ذلك فقد كان الأخذُ به موضع خلافٍ بين الأئمة.
فقد رأى بعضُهم أقوال الصحابة حجة واجبة الاتباع، ورأى عصرَهم عصر تفسير وتكميل على حين لم ينظر آخرون إليها تلك النظرة (١).
* كان من أسباب الخلاف بين الصحابة اختلافُ النظر والرأي وتقدير الأمور، وذلك أمر فطري، وكذلك بسبب اختلاف فهمهم للقرآن ومعرفتهم بالسنة.
* لم يكن الصحابة على درجة واحدة في استعمال الرأي، بل كان منهم من يتحرج ويهاب الفتيا، وأولئك في الواقع الذين لم تضطرهم الظروف إلى القطع والحسم بإبداء الرأي، ومنهم من برع في الرأي، وقدر عليه، وأشهرهم عمر رضي الله عنه، حيث كانت أعباء الحكم تدعوه لأن يبت في القضايا والأمور ولا يتحاماها.
ولقد عُرف بالفتوى من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم مائة ونيف وثلاثون نفساً ما بين رجل وامرأة، وكان منهم المكثرون والمتوسطون والمقلّون.
(١) الأستاذ الجليل الشيخ عبد الوهاب خلاف، رحمه الله - تاريخ التشريع الإسلامي: ٢٨٠.