للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

صلى الله عليه وسلم إذْ قال عليه السلام في القصة التي ستأتي في كتاب الرضاع: " كيف وقد زعمت السوداء أنها أرضعتكما "؟ والذي يمهد ما ذكرناه في الورع تأصيلاً وتفصيلاً قول المصطفى عليه السلام: " استفت قلبك وإن أفتاك المفتون " وهذا منه صلى الله عليه وسلم إحالةٌ للمتورّع على غلبات الظنون.

٩٩٦٢ - وأما مسألة إسقاط الاستبراء، فإنها عسرة الخروج على مذهبنا؛ فإن اشترى الرجل جارية، لم يملك تزويجها؛ حتى نبني عليه سقوطَ الاستبراء، وقد قدمنا في الباب قاعدةَ المذهب، في أن التزويج يستدعي ترتباً على استبراء، ثم ذلك الاستبراء هل يشترط جريانه في ملك المزوّج، أم يكفي جريانه في ملك البائع؟ فيه تردد مهدنا أصلَه، وأوضحنا تفريعه.

وأبو حنيفة (١) يجوّز للذي يطأ مملوكة نفسه أن يزوجها عقيب الوطء، وهذا من فَضَحات مذهبه. وإن صورنا التزويج من ملك الجارية قبل بيعها، [فشرط] (٢) تصحيح التزويج تقدم الاستبراء منه أيضاًً.

ثم لو كان تَقَدَّم الاستبراء منه، ثم زوج (٣)، واشتراها مَنْ طلبها مزوّجةً، وطلقها الزوج، ففي هذا اختلاف نصوص، واضطراب الأصحاب في الترتيب، وهو من أقطاب الباب.

وإن قال من يريد البيع والتزويج: قد [استبرأتُها] (٤)، فينقدح قبولُ قوله، ومن هذا الطرف ينتصب حيلةً على قولٍ سنصفه في إسقاط الاستبراء.

٩٩٦٣ - ونحن الآن نخوض مستعينين بالله تعالى في هذا الأصل، وننقل ما فيه من النصوص، ونذكر اختلاف الأقوال، ولا يصفو الأصلُ ما لم نُجرِ وجوهاً من الانعطاف عليها عوداً على بدء، فنقول: نص الشافعي في الأم على مسألتين، وأجاب فيهما بجوابين ظاهرهما الاختلاف والتناقض.


(١) ر. مختصر الطحاوي: ٢١٨.
(٢) في الأصل: فنشترط.
(٣) كذا: (زوَّج) بحذف المفعول: (زوّجها).
(٤) في الأصل: استبرأها.