للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وحمل أمرَها على هذا، لم يجز أصلاًً؛ فإنها مع الجهل بابتداء الدور لا تستقرّ مع احتمال التلفيق على رأي واحتياطٍ قط. ولا يتصور منها معه تدارك شيءٍ لأجل الاحتياط. وكل ما لو قدّر، انسدّ به كل باب، فلا معنى لتقديره وبناء الأمر عليه. فكذلك إذا أمرناها بالاغتسال لاحتمال انقطاع الحيض، فمن الممكن أن ينقطع حيضها في خلال الاغتسال، وهذا لو تحقق، لوجب عليها استئناف الغسل، ولكن لا معنى للأمر (١) بهذا الاحتياط؛ فإنها لو استأنفت الغسل، لأمكن ما ذكرناه في الغسل الثاني، وهذا أمرٌ لا ينقطع، ويؤدي إلى التسلسل؛ فليقطع هذا الفن من ابتداء الأمر.

٥٦٥ - ونحن الآن نحرر مراتب في الاحتياط والتخفيف، ونستتم ما مضى، ونشير إلى مواقف الخلاف والوفاق.

فأما احتياطٌ [لا مَردّ فيه] (٢)، ولا انقطاع له، ولا خلاص منه، فليس مرعياً وفاقاًً، كما ذكرناه في التلفيق، وتقدير الانقطاع في الغسل، أو بعد الفراغ منه.

وأما رد المتحيرة إلى المبتدأة بأن يُقدّر ابتداء دورها من الأهلة، ففيه قول بعيد، ولكنه في نهاية الضعف كما سبق.

وأما وجوه الاحتياط التي لا تتسلسل، فقد [ذكرناها] (٣) على القول الصحيح، وظهر لنا أن الشافعي ليس يبني الأمر على غوامض الاحتمال، ولهذا لم يوجب قضاء الصلوات مع أدائها، وظاهر القياس المذهبُ المعزيّ إلى أبي زيد.

ولكن عنّ لنا في تفاصيل التفريع أن نعتبر أدوار المبتدأة، وإن لم نعتبر ابتداء الدور، حتي نراعي أغلب الحيض والطهر في بعض مجاري الكلام، وقد تقرر هذا مفصلاً.

فهذا منتهى القول في وجوه الاحتياط، والتنبيه على مواقع الخلاف والوفاق في النفي والإثبات.


(١) عبارة (ل): لا معنى للأخذ بهذا الاحتمال.
(٢) عبارة الأصل: فأما احتياطُ الأمر فيه إِلى التسلسل، ولا انقطاع له .. والمثبت من: (ت ١)، (ل).
(٣) في الأصل: ذكرها، والمثبت من (ت ١)، (ل).