للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وذهب ابن أبي ليلى وداود (١)، وغيرهما إلى أن حرمة الرضاع تثبت بثلاث رضعات، واعتمدوا في ذلك حديثَ ابن الزبير وأمِّ الفضل، قال المزني: أسمِع ابنُ الزبير رسول الله؛ فقال رضي الله عنه: سمعه وهو ابن تسع، وقال أئمة الحديث مات رسول الله وهو ابن تسع، فلعل الشافعيَّ أراد آخر ما سمعه في آخر العهد، ولا شك أنه ولد بعد الهجرة بسنة، فإنه لما قدم رسول الله عليه المدينة مهاجراً زعمت اليهود أنهم سَحَروا المسلمين؛ فلا يولد لهم ذكر، وانقضت سنة، ولم يولد للمسلمين ذكر، وأول مولود من الغلمان ابنُ الزبير، بعد انقضاء سنة، ولما وُلد، كبّر المسلمون.

وقيل: كَبَّرَ أصحاب الحجاج يوم صلب ابن الزبير، فقالت أسماء أم ابن الزبير ذاتُ النطاقين: المكبرون عليك يوم ولدت خير من المكبرين عليك يوم قتلت.

فقد اعتمد قوم حديثَ ابن الزبير في نفي الحرمة عن المصة والمصتين، وبَنْوا إثبات الحرمة على المفهوم، فإن التخصيص بالأقدار [يقتضي] (٢) مخالفةَ الحكم للمقدّر المنصوص عليه.

٩٩٩٩ - واعتمد الشافعي الحديث الناص على الخمس، قالت عائشة: " أنزلت عشرُ رضعات يحرِّمن فنسخن بخمسٍ، فمات رسول الله صلى الله عليه وسلم وهذا مما يتلى من القرآن".

وهذا قد يعترض فيه إشكال، فإن الحديث، وإن كان مدوّناً في كل صحيح، فمضمونه أن الرضعات الخمس كانت ضمن آيةٍ تتلى من القرآن، ونحن لا نراها بين الدفتين، فلعها أرادت أنها كانت تتلى حُكماً. والقول في ذلك يطول، وليس من الحزم الزيادة على المعنى المطلوب في كل فنّ.

وحمل الشافعي حديث المصة والمصتين على جواب رسول الله صلى الله عليه وسلم عن سؤال مخصوص، وواقعة سئل فيها عن المصتين، فخرج جوابُه على وَفْق


=يحرم ما دون خمس رضعات، ح ٢٠٦٢، والترمذي: الرضاع، باب ما جاء لا تحرم المصة ولا المصتان، ح ١١٥٠، ومالك في الموطأ ٢/ ٦٠٨.
(١) ر. المحلي: ١٠/ ١٠.
(٢) في الأصل: يفضي.