للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

بمثابة قِلَّةِ القدر، فإن القَطْرةَ إذا وصلت وإن لم يظهر لها غَناء في الغذاء محسوس بمثابة المقدار الصالح منه، وإنما نَظَرُنا في أنه إذا انغمرت جميعُ الصفات، هل يسقط إثرُ الغذاء؟

١٠٠١٥ - [وكل] (١) ما ذكرناه فيه إذا اختلط اللبن بالماء، فأما إذا اختلط بغيره من الأطعمة والأدوية، فجميعها على أقدارها بمثابة الماء القليل؛ فإنه لا حدّ فيها للشرع في تميز الكثير عن القليل.

١٠٠١٦ - ولا ثقة بدرك لُباب هذا الفصل إلا بالنظر في دقيقةٍ، وهي أن اللبن إذا اختلط بشيء اختلاطاً حقيقياً، ولم يُستيقن انبثاثُه على جميع أجزائه، وفُرض تعاطي الصبي طرفاً مما لا يستيقن انبثاثُ اللبن إليه، فالظاهر أن الحرمة لا تتعلق به؛ فإن وصول اللبن مشكوك.

وجَبُن بعض أصحابنا، فأجرى حكمَ الحرمة مجرى الحكم بالنجاسة، فقد ثبت أن قطرة من البول لو وقعت في طرفٍ من ماء قارٍّ على ضَحْضَاحٍ منبسط، فيتصل بوقوعه حُكْمُنا بنجاسة الطرف الأقصى، فلا ينبغي للفقيه أن يُجري حكمَ اللبن هذا المجرى؛ فإن مدار هذه الفصول في الرضاع على استيقان وصول اللبن إلى الجوف، وإن كان مغلوباً، أو على إسقاط حكمه إذا غُلب.

والنجاسةُ معظم أحكامها مبنيّ على التقذّر وعيافةِ النفوس.

وهذا المعنى قد يحصل في الطرف الأقصى قبل انبثاث النجاسة حساً إليه.

ومن أصحابنا من أجرى اختلاطَ اللبن مجرى اختلاطِ النجاسة إذا قلنا: لا تسقط حرمةٌ مغلوبة، وهذا غفلة عن سرّ الباب وخلطُ الأصل بأصلٍ.

١٠٠١٧ - ومما يتعلق بتمام القول في ذلك أن القطرة من اللبن إذا قطّرت في فم الصبي، ومازجها ريقُه، وصارت مغلوبةً بالريق، فالذي ذهب إليه الجماهير أن الحرمة تثبت، وبَنَوْا ذلك على عسر النظر إلى ما وراء الشفتين، وجعلوا القطرةَ الغائبة


(١) في الأصل: فكل.