للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

ولكن كانت هذه الصبية زوجة، وقد ثبتت أمومة المرضعة، فلا نظر إلى تقدم الزوجية وتاريخ الرضاعة، وهذا متفق عليه لا نعرف فيه خلافاًً.

ولو نكح الرجل كبيرةً، ثم أبانها، فنكحت غلاماً رضيعاً قَبِل نكاحَها له أبوه، وكانت ذاتَ ابنٍ من الزوج الأول، فلو أرضعت زوجَها الرضيعَ بلبان الزوج الأول، فلا شك في انفساخ نكاح الرضيع؛ لأن الكبيرة صارت أمَّه، وتحرم هذه الكبيرة على الزوج الأول على التأبيد، فإنها من زوجات ابنه من الرضاع، وحليلة الابن من الرضاع محرمة على الأب، فقد أثبت إرضاعها بنوة الرضيع من الزوج الأول، وانعقد النكاح قبل ذلك، فصارت حليلة الابن.

وهذا ينبني على الأصل الذي مهدناه من أنا لا نعتبر التواريخ في ترتُّب الصهر على الرضاع والرضاع على الصهر.

ومما بناه الأئمة على هذه القاعدة أن رجلاً اسمه زيد لو نكح كبيرة، ونكح رجل اسمه عمرو رضيعة، ثم أبان كل واحد منهما زوجته، واستبدلا: فنكح زيد الرضيعة، ونكح عمرو الكبيرة، ثم أرضعت الكبيرة بعد الاستبدال الصغيرة، فنقول: أما الكبيرة فتحرم عليهما جميعاًً لأنها صارت أم زوجة كل واحد منهما؛ فإن الصغيرة نكحها عمرو أولاً ثم زيد، ولا نظر إلى التاريخ.

وأما الصغيرة، فنقول: إن لم يدخل زيد بالكبيرة لما كانت تحته، فنكاح الصغيرة [يتأتّى] (١)، لأنها صارت ربيبة امرأة لم يدخل بها، وإن كان الأول دخل بالكبيرة، انفسخ الآن نكاح الصغيرة، لأنها صارت ربيبةَ امرأة مدخولٍ بها.

ولولا إقامة الرسم وطردُ الكتاب على نسق واحد في البيان، لرأيت طرح معظم هذه الأمثلة؛ لأن الفطن يتبرّم بها، ولا يكاد يخفى مداركها على أوائل النظر، ولكني أُجريها على صيغة البيان، وهذا معذرةٌ إلى الفقيه المنتهي إلى هذا المنتهى.

١٠٠٣٤ - قال ابن الحداد: إذا در لمستولدة الرجلِ لبنٌ على ولده المنتسبِ إليه، ثم إنه زوجها من عبد له صغيرٍ رضيع، فلو أرضعته، فلا شك في انفساخ النكاح.


(١) في الأصل: يأتي.