فإن وقع التصريح بذكر وصول اللبن إلى الجوف، فهو المراد.
وإن ذكر الشاهد أو الشاهدة لفظَ الإرضاع، واستراب القاضي، وجوّز أن يكون الإرضاعُ غير مفضٍ إلى وصول اللبن إلى الجوف المعتبر، فله أن يستفصل الشاهدَ، هذا لا خلاف فيه، وسيأتي كشفه في موضعه من الشهادات، إن شاء الله.
ولو فرضت الشهادة على الإرضاع، ثم مات الشاهد قبل الاستفصال، وفات إمكان الرجوع إليه، فهل يجوز التوقف في الشهادة والحالة هذه؟ هذا هو الذي يظهر فيه تردد الأصحاب، وقد يعتضد وجوب الحكم بالإرضاع وإن لم يَجْرِ للوصول إلى الجوف ذكرٌ بما قدمنا ذكره من أنه يجوز الاقتصار على معاينة الأحوال التي وصفناها في تحمل الشهادة على الإرضاع، وإن كان معاينة وصول اللبن إلى الجوف ممكنة بخلاف تحمل الشهادة على الزنا، فإن من عاين أحوالاً تماثل أحوال المرضع والمرتضع، لم يجز له أن يعتمدها في الشهادة على الزنا، حتى يعاين ذلك منه في ذلك منها، كالمِرْود في المُكْحلة والشَّطَنُ في البئر، والذي يعضد ذلك أن اشتراط هذا التأكيد في التحمل في الزنا، واشتراط التصريح في صيغة الشهادة، وإثبات مزيد العدد، كل ذلك يشعر بأن للشرع غرضاً في دفع الزنا ودفع حَدِّه، والأمر في الرضاع على التغليظ، والحظرُ على التغليب.
فانتظم إذاً وجهان: أحدهما - أن الشهادة لا تثبت ما لم يصرح الشاهد بوصول اللبن إلى الجوف، [وهذا](١) ما ذكره الصيدلاني.
والثاني - أن الرضاع يثبت بالشهادة على الإرضاع والارتضاع إذا عسر الاستفصال، كما سبق تصويره.
١٠٠٧١ - ومما يتعلق بهذا الفصل وله ارتباط بالأصل الأول أيضاً، وهو أن التي أرضعت لو شهدت على وصول اللبن إلى جوف الصبي على الحد المحرِّم عدداً وزماناً، فشهادتها مقبولة عندنا، وهو مذهب جماهير العلماء.
فإن قيل كيف يقبل شهادتها وهي تثبت فعل نفسها، وتتعرض للإخبار عنه؟ قلنا: