للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ليس الغرض من شهادتها فعلُها، وإنما الغرض وصول اللبن إلى جوف الصبي، وإذا كان قد يتفق الوصولُ إلى جوفه من غير صاحبة اللبن، فلا أثر لإرضاعها، ولا يختلف به حكم كان أو لم يكن.

وليس كما لو شهد القاضي بعد الانعزال على أنه قضى لفلان؛ فإن شهادته مردودة لتضمّنها إثباتَ فعله، والمعوّل على قضائه وتنفيذه، فكانت الشهادةُ من القاضي على ثبوت القضاء مردودة، فإن تنفيذ القضاء هو المطلوب، ووجه تعلق ما ذكرناه في المرضعة بهذا الفصل أنها لو قالت: أشهد أني أرضعت فلانة، أو أوصلت اللبن إلى جوفها، فشهادتها مقبولة على هذه الصيغة.

وفي بعض المصنفات أنها إن قالت: أشهد أن فلانة ارتضعت منِّي، فالشهادة مقبولة، لأنها في صيغتها لم تتضمن إثبات فعل مضاف إلى الشاهدة، ولو قالت: أشهد أني أرضعت فلانة، فهذه الشهادة مردودة، فإنها تضمنت إثبات فعلٍ مضافٍ إلى الشاهدة.

وهذا غلط محض، لم يتعرض له أحد من الأصحاب، وقد ذكرنا أن الإرضاع لا أثر له، وإنما الأثر للوصول، فلا يضر التعرض لما لا يتعلق الحكم به.

فصل

قال: " وذكرت السوداء أنها أرضعت رجلاً ... إلى آخره " (١).

١٠٠٧٢ - مضمون الفصل أن الرضاع إذا كان مشكوكاً فيه أصلاً، أو كان تمام العدد مشكوكاً فيه، فلا يقع القضاء بالتحريم، ولكن يتأكد استحثاث الشرع على التورعّ؛ فإن الرضاع لو ثبت، تأبدت حرمته، وعظُم وقعُه، [فالتمادي] (٢) على خلاف الورع مصادمة خطر عظيم.

واستدل الشافعي على تأكيد الأمر بالتورّع بما روي أن رجلاً تزوج بابنة أبي إهاب بن


(١) ر. المختصر: ٥/ ٦٤.
(٢) في الأصل: بالتمادي.