للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تفصيل المذهب فيه إذا أقر الرجل بالطلاق الثلاث، ثم رجع، أو زعمت المرأة أن زوجها طلقها ثلاثاًً، وذكرت ذلك بعد البينونة، ثم كذبت نفسها، وأرادت أن تعود إلى الزوج، ففي ذلك كلام قدمناه على الاستقصاء، فلا نعيده.

١٠٠٧٤ - ثم ذكر الشافعي التداعي بين الزوجين في الرضاع نفياً وإثباتاً، وقال: " إذا ادعى الزوج جريان رضاعٍ وقَصْدُه إسقاطَ المسمى، فأنكرت المرأة، فالأصل عدمُ الرضاع، وهي تحلف بالله: لا تعلم أن رضاعاً جرى وإذا كانت تنفي فعل الغير فيمينها على النفي " (١).

فإن قال قائل: ألستم قلتم: مطلوبُ الرضاع بالشهادة إثباتُ وصول اللبن إلى جوفها، ولا أثر للإرضاع كان أو لم يكن، وهذا يتضمن أن تنفي هي وصولَ اللبن إلى جوفها، أو تنفي ارتضاعَ نفسها، ولو كان كذلك، فالقياس يكون اليمين على البت.

قلنا: لا حكم لارتضاعها، ولا يتصور أن تكون على علمٍ في وصول اللبن إلى جوفها في الوقت المعتبر، فإن التمييز يبتدىء بعد مدة الرضاع بسنتين؛ فتكليفها بتّ اليمين لا معنى له، وإذا كنا نكتفي بنفي العلم في فعل الغير بسبب تعذر الاطلاع على نفي فعل الغير، فهذا المعنى أظهر فيما فيه الكلام، فإذا آل الأمر إلى اليمين، فلا أثر لارتضاعها، ولما يثبت منها، لما أشرنا إليه، ومعتمد اليمين نفي الإرضاع، وصيغة اليمين في مثل ذلك تجري على نفي العلم، فإن حلفت على ما وصفناه، فلا كلام.

وإن نكلت عن اليمين، رددنا اليمين على الرجل، فيحلف على البتّ أن الرضاع المحرّم كان، وحكى الصيدلاني أن القفال، كان يقول: إذا ارتدت اليمين على الزوج، فالأولى أن يقول: " بالله أني أعلم أن الرضاع المحرِّم قد كان " وقصد بهذا أن يكون يمين الرد على الضد من يمينها؛ فإنها لو حلفت، لقالت: لا أعلم أن الرضاع كان، فليقل الزوج: أعلم أنه كان، فظاهر ما نقله الصيدلاني أن هذا من طريق الإمكان، وفي بعض التصانيف عن القفال ما يدل على اشتراط ذلك.


(١) هذا معنى قول الشافعي في المختصر: ٥/ ٦٥. وليس بلفظه.