فإن أصل المذهب أن المد والنصف تقدير في حق المتوسط، والمد والثلث تقدير في حق الموسر في نفقة الخادمة، وهذا عسر؛ فإن الشافعي يُطنب في الوقيعة فيمن يتحكم بالتقدير من غير ثَبَت، ولئن وجدنا مستنداً في المد والمدين معتضداً بنصِّ القرآن في الفرق بين الموسع والمقتر، فالمدّ والنصف، والمد والثلث، لا نجد لهما مستنداً قويماً.
ثم الأصحاب ذكروا وجوهاً رأَوْها أقصى الإمكان في المُدّ والثلث في حق الخادمة، والذي دل عليه فحوى كلامهم في المد والنصف في حق المتوسط أنه على تردد بين المعسر وبين الموسر، فلا يبعد أن يقتضي تردده بينهما، تنصيف المُدّ، حتى كأنه من وجه يلتفت إلى المقتر، والإقتار يوجب الإسقاط، ويلتفت إلى الموسر من وجه وذلك يوجب الإثبات، فوزعنا المدَّ الزائد في حق الموسر على الإيجاب والإسقاط، فاقتضى ذلك إيجابَ نصفٍ وإسقاط نصف، وهذا على حالٍ كلام منتظم.
١٠٠٨١ - فأما إيجاب المد والثلث للخادمة تقديراً جازماً، فمشكل وقد ذكر أصحابنا فيه وجهين: أحدهما - حكَوْه عن القفال الشاشي أنه قال: من أصناف القياسِ القياسُ المقرّب، وهو عندنا إن صح من أقسام الأشباه.
ثم قال: الأب والأم [في الميراث](١) لهما حالتان: حالة نقصان وحالة زيادة، فإذا كان في الفريضة ابن، فللأبوين السدسان، وإن كان وضع الفرائض يقتضي حطَّ الأم، ولكن إذا رُدَّ الأب إلى السدس، فكأنا نعتقد أن لا أقل منه في فرض الأبوين، فللأم السدس، وهذه الحالة تناظر حالة الإعسار، والأم بمنزلة الخادمة والأب بمنزلة الزوجة، فتستوي الخادمة والزوجة؛ إذ لا نقصان من المد.
فإن لم يكن في الفريضة ابنٌ، فللأب الثلثان بالتعصيب، وللأم الثلث، فنزيد للأب ثلاثة أمثال ما كان للأم في حالة النقصان، أو ثلاثةَ أمثال ما نزيد للأم، وهذا