للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

محاولة شرح فيها، مع العلم بأن هذه الأسماء مشتركة، وهذا مما تمس الحاجة إلى النظر فيه، في أوائل المراتب إذا رفعت الوقائع إلى المفتين، أو إلى الحكام.

فأما المعسر، فإن كان على رتبةٍ تستحق سهمَ المساكين، فهو معسر، ومن لا يملك شيئاً تستقر نفقةُ الزوجية في ذمته.

ومن جاوز حد المسكنة، فكيف السبيل فيه؟ [هل] (١) نقول: هو من المتوسطين؟ فإن قال بذلك قائل، فليس على علم بالباب؛ فإن الإنسان قد يخرج باكتسابه عن حد المسكنة، إذا كان قادراً على تحصيل القوت يوماً بيوم، ولست أرى مثل هذا الشخص من المتوسطين في نفقة الزوجات، بل هو معسر [ونفقتُه] (٢) نفقة المعسرين، وهذا مما لا أتمارى فيه، فأما إذا كان يخرج بملك مالٍ لا بقدرةٍ على الكسب عن حدِّ المسكنة، فالذي أراه أنه في حد التوسط، وإن كان على اقتدارٍ وتوسع في الاكتساب بحيث يَرُدُّ عليه الكسبُ -على يسرٍ-[أضعافَ] (٣) ما يحتاج إليه، فقد يتردد الفطن في هذا: أما إلحاقه بالموسرين، فلا سبيل إليه، وإنما تردد النظر في إلحاقه بالمتوسطين.

وأنا أقول بعد هذا التنبيه: هو معسر؛ فإنه يبعد تكليفه المزيد على قدر الحاجة بالاكتساب والله أعلم.

وأما المتوسط الذي يملك ما يرقِّيه عن حد المسكنة، فلي فيه نظر: فأقول: أرى المتوسط رجلاً يؤثِّر الإنفاق في ماله إذا زاد على الأقل الذي قدمناه، فكأنه لو أخرج مُدَّين أوشك أن ينحط إلى الإعسار، والموسر لا ينحط بمدّين إلى المتوسط فضلاً عن الإعسار، وهذا يؤخذ من التشطير في المد، حتى كأنه بإخراج الزائد، وهو نصف مدٍ لا ينحظ إلى الإعسار، وبإخراج المد يوشك أن ينحط إليه، وأقرب المآخذ ما يداني الحكمَ، فالحكمُ تشطير المد الزائد، فليكن التوسط مأخوذاً منه.

ومما يحق الاعتناء به أن اليسار لا ينظر فيه إلى المال فحسب، بل يُضَمُّ إلى اعتباره


(١) زيادة اقتضاها السياق.
(٢) في الأصل: بنفقته.
(٣) في الأصل: أصناف.