للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رخاءُ الأسعار وانخفاضُها وارتفاعها، فالرجل في المكان الذي تتّسع الأقوات فيه يتبلّغ بمقدارٍ من المال لا يتبلّغ بمثله في موضع تغلو الأسعار فيه، [ولن] (١) يكون الطالب واقفاً على دَرْك اليسار والإعسار والتوسط ما لم نمزج ملكَ المال بما أشرنا إليه من رخاء الأسعار وغلائها؛ فإن الغرض في كل باب من الإعسار واليسار على حسب ما يليق بالمقصود منه، فإذا كنا نبغي الكلام في أقدار النفقات ثم دُفعنا إلى النظر في المراتب، فالوجه اعتبار اليسار على وجهٍ [لا يُنافي] (٢) النفقة الدارّة، ومن ضرورة ذلك ما أشرنا إليه من اعتبار الأسعار رخاءً وغلاء.

فانتظم مما ذكرناه أن الموسر من لا يتأثر بالمُدَّين، والمتوسط من يتاثر بالمُدَّين ولا يتأثر بالمد والنصف، والمعسر مخرّج على ما قدمناه.

وهذا نجاز الكلام في أقدار النفقات.

١٠٠٨٤ - فأما الكلام في الجنس المخرَج (٣)، فإن كان في البلد الذي فيه الكلام قوتٌ واحد غالب يستوي في اقتياته أهل الموضع على اختلاف درجاتهم، فلا شك أن المعتبر ذلك الجنسُ، ولا يتأتى هاهنا أن نقول: يعتبر القوت الغالب، أو يعتبر قوت كل شخص؛ فإن القوت إذا عم طبقاتِ الخلق، على ما صورنا، فقوتُ كل شخص هو القوت الغالب.

وإن لم يكن في الموضع قوتٌ غالب نحكم بغلبته، ولكن كانوا يقتاتون على حسب الدرجات أقواتاً مختلفة، فلا وجه -والحالة هذه- إلا وأن نعتبر في حق كل شخص قوتَه جنساً؛ إذ لا غالب، والأقوات متعارضة، ولا بد من متعَلَّق، ونحن مدفوعون إلى مسالك ضيّقة، نقنع فيها بأدنى متعلَّق، فيكون الجنس في اعتبار حال الزوج معتبراً بالقدر، وقد ذكرنا أن النظر إلى حال الزوج في يساره، وتوسطه، وإعساره في المقدار، فليكن النظر إليه في جنس القوت.


(١) في الأصل: فلو.
(٢) في الأصل: لا يتأتى.
(٣) هذا هو الفصل الثاني من الفصول التي وعد بها الإمام في صدر الباب.