للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولو كان في البلد قوت يمكن أن يوصف بالغلبة، ولكن الفقراء قد يعتادون اقتياتَ غيره، فهذا موضع التردد: يجوز أن يقال: الاعتبار بالقوت الغالب، ويجوز أن يقال: يعتبر قوتُ ذلك المعسرِ، وإن كان الغالب في البلد غيرَه، وهذا إذا كان يعد اقتياتُ مثله الشعيرَ مثلاً نادراً في حال مثله، وقد ذكرنا مثل هذا الترددَ في الجنس الذي يُخرج في صدقة الفطر.

ومما يتعلق بذلك أن المخرَج يجب أن يكون حَبّاً أو تمراً، هذا هو الأصل، فإن أخرج خبزاً، فللمرأة ألا تقبلَه، وإن رضيت بقبوله، ففيه تفصيل سيأتي في بعض الفصول الموعودة، إن شاء الله.

١٠٠٨٥ - فأما الكلام في نفقة الخادمة، فحقه أن يُصدَّر بمراتب النسوة؛ فإن نفقة الخادمة لا تثبت لكل زوجة، والمقدار الذي ذكره الأصحاب أن المرأة إذا كانت تُخدَم في العرف، ولو كلفت الاستقلالَ بحاجات نفسها، لكان ذلك غضّاً من قدرها، وحطّاً من منزلتها، فهذه مخدومة وإن كانت [لو خدمت] (١) نفسها، لم ينلها ضرر لكمال مُنّتها، واعتدال بنيتها.

وهذا يناظر ما ذكرناه في الكفارات في العبد الذي يَخدِم ملتزمَ الكفارة.

ولو كانت في العادة لا تعدّ على مرتبة المخدومات، فلا تستحق نفقة الخادمة.

ولو كانت تُخدم، ومنزلتُها لا تقتضي ذلك، بل تُعدّ مجاوِزةً قدرَها، فلا تُخدم في النكاح، ولو لم تكن على منزلة من المروءة يُخدم أهلها، ولكن كانت على ضعفٍ في بنيتها، فإن كان ذلك مرضاً عارضاً، فلا تستحق على الزوج إقامةَ مُمرِّضٍ متفقّد، كما لا تستحق عليه المعالجةَ والقيامَ بمؤنِ الأدوية.

وإن كانت على ضعفٍ لازم لبنيتها، ففي المسألة احتمالٌ ظاهر من جهة مشابهةِ الخادمةِ الممرّضةَ والمعينةَ على المعالجة، ويظهر عندي أن تستحق نفقةَ الخادمة؛ لأن الحاجة الدائمة أولى بالاعتبار من غضٍّ في المروءة، وقد ذكرنا في الكفارات أن من


(١) في الأصل: وإن كانت خدمة نفسها.