للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولو أخذت الحبَّ وملكته، واستعملته بذراً، أو باعته، فلو أرادت مطالبةَ الزوج بمقدار مؤنة الإصلاح، فهذا أراه محتملاً: يجوز أن يقال: لها ذلك؛ فإنها قد تبغي إصلاح [مُدٍّ] (١) عندها، وتُصيِّره خبزاً، وتتملّك ذلك؛ فإنه من حقها، وكأنا نقول: لها البرُّ والأُدم، والمقدارُ الذي يُصلح الطعام.

ويجوز أن يقال: إذا كانت لا تحتاج إلى الخبز، لم تملك المطالبة، بالمؤن التي تُنهي الحبَّ إلى الخُبز، فإن الإصلاح ليس من الأركان والوظائف [القائمة، وإنما هو إصلاح عند الحاجة.] (٢) نعم، إذا كانت تحتاج إلى إصلاح البرّ، وقد أخرجت البرّ الذي قبضته، فيجب القطع بأنها تكلِّف زوجها ذلك، فأما إذا كانت لا تحتاج إلى الخبز في يومها، ففيه الخلاف والتردّد الذي أشرت إليه.

ولو اعتاضت المرأة عن البُرّ الثابت لها في ذمة الزوج [دراهمَ] (٣)، أو ما أرادت من عِوض، فقد ذكر أصحابنا فيه وجهين: أحدهما - أنه لا يجوز؛ فإنه اعتياضٌ عن طعام ثابت في الذمة، بحكم عقد، فأشبه الاعتياض عن المسلم فيه.

والوجه الثاني - أنه يجوز، كما يجوز الاعتياض عن قيم المتلفات، وهذا الخلاف يقرب مأخذه من مأخذ القولين في جواز الاعتياض عن الثمن الثابت في الذمة، وقد سبق ذكرهما في كتاب البيع.

ولو اعتاضت المرأة عن الحب خبزاً، فقد ذكر بعض الأصحاب فيه خلافاً، وهذا يتطرق إليه تجويز بيع البُرّ بالخبز، وهو ممتنع في البيع وفاقاً، ولكن من جوّز هذا فيما نحن فيه، فوجهه -على بُعده- أنها تستحق الحَبَّ والإصلاحَ، فإذا رضيت بطعام مهيَّأ مُصْلَح، فكأن ما قبضته حقُّها؛ وليس عوضاً عن حقها، [فإنه كان لها أن تطلب الحَبَّ] (٤)، ثم تكلِّف زوجَها إصلاحه، وهذا مما لم يختلف فيه أصحابنا.


(١) في الأصل: بدّ.
(٢) ما بين المعقفين تقدير منا، لما ذهب من عبارة الأصل بسبب امّحاء أطراف الكلمات والحروف.
(٣) مطموسة في الأصل. والمثبت من صفوة المذهب.
(٤) في الأصل: وإن كان لها أن تطلب الحب.