لنا من طرق العراق وغيرها طريقان: ذهب الأكثرون إلى وجوب النفقة؛ فإنها تحت يد الزوص وامتناع [الوقاع](١) صادر عن إذنه.
ومنهم من قال: في سقوط نفقتها قولان، كما لو خرجت؛ فإن الوقاع قد امتنع، وتبعه امتناع جميع وجوه الاستمتاع، فلا أثر لكونها في المسكن، ولا فرق بين إقامتها وظعنها، وهذه الطريقة أقيس، وطريقة القطع أشهر في الحكاية.
ولو أحرمت بإذن الزوج، وهمت بالخروج فنهاها الزوج عن الخروج، فالذي حكاه الصيدلاني عن القفال أنه كان يقول: تسقط النفقة إذا خرجت على مخالفته قولاً واحداً، والذي يقتضيه كلام الأئمة في الطرق إجراء القولين، وقد حكاهما الصيدلاني عن الأصحاب، والوجه فيه أنها إذا لابست الإحرام، فلا خلاص لها ما لم تلْقَ البيتَ، فكأن الزوج ورطها في ذلك، والوجه ما ذكره الأصحاب.
وكل ذلك وإحرامها بإذن الزوج.
١٠١١٩ - فأما إذا أحرمت بغير إذنه، فللشافعي قولان في أن الزوج هل يملك تحليلها، وهل يفصل بين حج الفرض وحج التطوع؟ فيه تفصيل ذكرناه في باب الحصر من كتاب الحج، فإن قلنا: يملك الزوج تحليلها، فإن حللها، استمرت النفقة وزال المانع، وإن لم يحللها، فالذي ذهب إليه الجماهير أن نفقتها لا تسقط ما دامت مقيمة؛ فإنها في قبضته والزوج مقتدر على تحليلها، وفي بعض التصانيف حكايةُ وجهٍ أن نفقتها تسقط؛ فإنها فعلت ما يتصور منها، والإحرام على الجملة مانع، وقد ترتاع نفس الزوج عن تحليلها، ويمكن أن يقال: قدرته على تحليلها بمثابة قدرته جملى رد الناشزة عن استعصائها. ولو خرجت، لم يخْفَ أنها ناشزة.
هذا إذا قلنا: يملك الزوج تحليلها. فأما إذا قلنا: لا يملك الزوج تحليلها، فلا يملك أيضاًً منعَها من الخروج، فلا نفقة لها إذا خرجت؛ فإنها لم تستأذن زوجها، وهل لها النفقة ما دامت مقيمة إلى الخروج، فالوجه عندنا القطع بأنها لا تستحق