للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إنفاق لا تمليك فيه. نعم، هو إنفاق عن ملك السيد؛ فإن ما يكتسبه يقع ملكاً للسيد، ثم هو مستحق الصرف إلى الأمة.

هذا ما أردنا بيانه في ذلك.

وقد ذكرنا في كتاب النكاح أن السيد لو أذن لعبده في النكاح، فتزوج وصار كسبه متعلَّقاً للنفقة، فلو أراد السيد أن يستخدمه أو يسافر به، فله ذلك على الجملة، وقد يختلج في النفس من هذا شيء، وكنت على فكرٍ غائص منه قديماً، وهذا أوان إظهاره: يجوز أن يقال: ليس للسيد أن يستخدمه، فقد صارت منفعته متعيّنة للنفقةِ والمهرِ ما لم يبذل (١) حقَّ المرأة. وفي كلام الأصحاب ما يدل على أنه يُقدِمُ على الاستخدام، ثم يلتزم ما سبق تفصيله، وسنشير إليه.

وذكر العراقيون وجهاً أنه لا يستخدمه ما لم يضمن ما يجب ضمانه، أما إيجاب تعجيل ما يجب للمرأة، فخارج على القياس الذي قدمناه من أن ما تعين لحق الزوجية لا يجوز التصرف فيه قبل توفية الحق، كالنفقة التي يعجلها الزوج لا يتصرف فيها السيد، ووجه ما صار إليه معظم الأصحاب أن المنفعة ليست أشياء عتيدة حتى يتحقق الاستيثاق فيها، ولكن حق السيد مقدم على شرط أن يَضْمن.

وصاحب الوجه الذي حكاه العراقيون قابلوا (٢) توقع وجود المنافع بوعدٍ لازم، وهو الضمان، وهذا فقيه حسن.

وأما ما تشبثنا به من إيجاب [تعجيل] (٣) ما يجب، فهذا يستدعي تجديدَ العهد بما يجب على السيد إذا استخدَم، وفيه قولان: أحدهما - أنه يجب أقل الأمرين من أجر المثل لذلك الزمان، أو النفقة والصداق، والقول الثاني - أنه يلتزم باستخدام العبد في ساعةٍ (٤) المهرَ بالغاً ما بلغ، وفي النفقة خبط ذكرته في النكاح، ولست لإعادته.


(١) المعنى: ما لم يبذل السيد حق المرأة من المهر والنفقة.
(٢) " قابلوا توقع وجود المنافع " الواو للجماعة الذين هم أصحاب الوجه الذي حكاه العراقيون، وإن عبر عنهم بلفظ (صاحب) فهم جمع، ولذا قال: قابلوا.
(٣) في الأصل: تحصيل. والمثبت من صفوة المذهب.
(٤) المعنى: أنه باستخدامه العبد مجرد استخدام لأي مدة طالت أو قصرت، عليه أن يلتزم المهر بالغاً ما بلغ.