ويتصل بهذا المنتهى أن الأمة لو أرادت الفسخ، وقد أعسر الزوج بنفقتها، فقال السيد: لا تفسخي حتى أنفق، فظاهر كلام الأصحاب أن لها أن تفسخ، وليست هذه المسألة خاليةً عن احتمال جلي؛ من جهة أنا ذكرنا في قاعدة المذهب أن حق الملك في النفقة للسيد، فلا يبعد أن يقول لأمته: إنما حقك الاستمتاع بالنفقة، وليست ملكَك شرعاً، فإني مالك الرقبة ومالكٌ لأصل النفقة.
وهذا منتهى ما حضرنا.
فرع:
١٠١٤٦ - إذا أعسر الرجل بنفقة مملوكه، لم يترك المملوك في الضرار، وكُلِّف المالك البيعَ، فإن أبى، بيع عليه المملوك، وسيأتي تفصيل هذا في باب نفقة المماليك، إن شاء الله.
ولو أعسر بنفقة أم ولده، ولا سبيل إلى بيعها -على ما عليه علماء العصر من منع بيع أمهات الأولاد- ثم إذا ظهر الضرار، فالمذهب الذي عليه التعويل أنها لا تعتِق، فإن الإعتاق على خلاف رأي المالك لا نظير له في الشرع، والفسوخ والحَلّ بطريق الطلاق متمهد في مواضع، وصار بعض أصحابنا إلى أنها تعتِق، ثم الذي بلغنا أن القاضي يعتقها، ولم أر أحداً من الأصحاب يقول: هي تُعتِق نفسَها قياساً على الزوجة إذا ملكناها فسخ النكاح، وهذا لأنا لا نجد مملوكة تُعتق نفسَها، ولست ألتزم فرقاً من طريق المعنى بين الفسخ وبين إعتاق أم الولد نفسها، ولكن إذا ضعف أصل الوجه، فلا معنى لتضعيف الضعف بالتفريع، ولكن الوجه الاختصار على المنقول، والتنبيه على الاحتمال.
فإن قلنا: يعتقها القاضي، فلا كلام. وإن قلنا: لا يعتقها، فالوجه تسييبها لتكتسب، ثم إن لم تتمكن من اكتساب القوت، فهي فقيرة من المسلمين.
فرع:
١٠١٤٧ - إذا فرعنا على الوجه الضعيف الذي حكاه العراقيون في أن النفقة تتعلق برقبة الزوج المملوك إذا أعياه تحصيلها من الكسب، فلا يُفضي الإعسار إلى الفسخ، ولكنا نبيع من رقبته شيئاً شيئاًَ على حسب مسيس الحاجة إن لم يَفْدِه السيد، وإن استوعبنا بيعه، فنأخذ في بيعه على المشتري، ولا يؤدي والحالة هذه الإعسار