للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وهذا ليس أمراً نتكلفه، ولكنه تصرف في لُباب مذهب الشافعي واقتصاصٌ لآثاره في بناء مسائل الباب على الآية، وبها صدّر أولَ مسائل الباب.

وقد نجز بهذا المسلكان الموعودان في الترجمة والمباحثة [ورَدُّ] (١) المسائل إلى قواعدها.

١٠١٦٥ - ونحن بعد ذلك نذكر قاعدةً تلتحق بالأصول، وتقع تتمةً لها، ونذكر ما يتصل بها، ثم نختتم الكلام بمسائلَ بعضها منصوصة، وبعضها نجريها فروعاً، فنقول: إذا أوجبنا النفقة للحامل: إما في جمورة القطع، وإما على أحد القولين في صور الخلاف، فقد أطلق الأئمة وراء ذلك قولين في أنا هل نوجب تعجيل النفقة إذا ظهرت أمارات الحمل، أم نقول: لا يجب تعجيلُها، ونتوقفُ، وقد يكون ما نتخيله ريحاً فتنفُشُ، فإن وضعت الحملَ، أوجبنا حينئذ نفقةَ زمان الحمل؟

أحد القولين - أنه يجب التعجيل، والقول الثاني - أنه لا يجب التعجيل، وبنى الأصحاب هذين القولين على قولين اشتهر ذكرهما في أن الحمل هل يُعرف؟ وقالوا: إن قلنا: الحمل لا يعرف، فلا يجب التعجيل، وإن قلنا: الحمل يعرف، فيجب التعجيل في الحال.

وهذا عندي اكتفاء بظاهرٍ من غير تشوّفٍ إلى درْك حقيقة؛ فإن القول لا يختلف في أن الحمل لا يُقطع به، ولا ينكر أحدٌ كونَه مظنوناً، ثم لا ينكرون أن الظنون تتفاوت: فهي على حدٍّ في أوائل العلامات، وإذا توافت، ورَبَا البطنُ، وانضم إلى الرّبُوّ اختلاجُ المولود، فهذا يكاد يقرب من اليقين، فكيف يسوغ إطلاق القول بأن الحمل [هل] (٢) يعرف؟ نعم، إذا بدت العلامات، فقد نقطع في بعض الأحكام بتقدير الحمل، وقد نتردد في بعضها، ومواضع القطع تتميّز عن مواضع التردد بطرق فقهية، وقد ألحق الأصحاب هذا الحكم الذي فيه نتكلم بمواضعِ التردد.

ونحن نُجري ما ذكره الأصحاب بطريق توجيه القولين، فنقول: من لم يوجب


(١) في الأصل: ويردّ.
(٢) زيادة اقتضاها السياق.