للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ويؤول الكلام إلى الرجوع والاسترداد عند تبيُّن الأمر.

ولسنا ننكر -مع هذا التكلّف- أن الأصح تعجيلُ النفقة.

وفيه دقيقةٌ سيأتي التفريع عليها -إن شاء الله- وإذا انتهينا إليها، نبّهنا على بديعةٍ هي سر المذهب.

التفريع على القولين:

١٠١٦٦ - إن قلنا: يجب تعجيلُ الإنفاق، فإن أنفق، لم يخل: إما أن يَبِينَ أنها حامل، وإما أن يَبِين أن ما بها ريحٌ [قد نَفَشت] (١).

فإن بان أنها حامل: فقد وقعت النفقة موقعها، ويجب على الناظر أن يعلم أنا لا نوجب استفتاح الإنفاق ما لم تشهد نسوةٌ من ذوات الخبرة على كونها حاملاً، وإنما خصصناهن بالذكر لمسيس الحاجة إلى الاطلاع على ما لا يظهر إلا في وقت الحاجة من النساء، ولا ننكر إحاطة الرجال بذلك.

فلو جئن وقلن: إنها حامل، وهن أثبات، فذاك، وإن قلن: لا سبيل إلى القطع بذلك، ولكن توافت علاماتُه، فهل يثبت الحمل بهذا أم لا؟ هذا فيه تردد عندي: يجوز أن يقال: لا بد وأن يَجْزِمْن إقامةً لمراسم الشهادات المقامة في مفاصل الخصومات، وهذا كما أن الشهود يجزمون شهاداتهم بالملك، وإن كانوا على القطع لا يستندون إلى ما يقتضي العلمَ، ولو أبدَوْا ترددَهم، بطلت شهادتهم، فلتكن شهادات النسوة على الحمل بهذه المثابة.

ويجوز أن يقال: إذا أخبرن بحقيقة الحال، كفى ذلك، وهذا يمكن تقريبه مما ذكر من أن الحمل هل يعلم؟ حتى تكون فائدة هذا أنا هل نكلّف الشهود [الألفاظ] (٢) المشعرة بالعلم أم يكتفى بما يدل على الظنون الغالبة، ومن يكتفي بما يدل على الظنون الغالبة يستشهد بشهادة العدل الرضا الذي هو من أهل مخالطة الرجل على الإعسار، فإنه لو قال: خبرت ظاهره وباطنه، فظهر لي إعساره، ولا أعلم له مالاً، فقد يُكتفى


(١) في الأصل: فرا نفشت.
(٢) زيادة اقتضاها السياق، وساعد عليها معنى كلام ابن أبي عصرون.