للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

سيأتي، إن شاء الله: فتثبت نفقة أبي الأم، وبنت البنت مع انتفاء الإرث.

[وأبو حنيفة جعل الاستحقاق باجتماع الرحم والمحرمية] (١) ولم يخصصه بالبعضية (٢)، ثم شرط في ثبوت النفقة بالقرابة التي ليست بعضية الاتفاق في الدين، ولم يشترط الاتفاق في الدين بين شخصين بينهما بعضية.

فهذا هو الأصل.

١٠١٨٢ - ثم إذا أوجبنا نفقةَ الابن الصغير على الأب، فيشترط كونُ الابن معسراً، حتى لو كان في ملكه ما ينفق عليه، لم تجب نفقتُه على أبيه، ولا يشترط أن يكون عاجزاً عن الكسب، بل اتفق الأصحاب على أن استكسابه وإن كان يَرُدّ مقدارَ نفقته، فعلى [الأب] (٣) الإنفاقُ عليه.

وينشأ من هذا أصلٌ قد ينسلّ عن فكر الفقيه القيّاس، وبانسلال أمثالها تُظلِمُ أرجاء مسالك الفقه، وذلك أن الأب إليه استصلاحُ ولده، فلو رأى أن يحمله على الكسب، لم يبعد في النظر أن يجوز له، ولو جُوّز له ذلك، ففيه إسقاط النفقة معه، ولا ينتظم مع هذا إطلاقُ القول بأن النفقةَ تجب على الأب وإن كان الصبي المراهق كسوباً [فكيف التصرف في هذا؟] (٤).

أولاً - لا خلاف أن الأب لو أراد أن يعلّمه بعض الحرف لاستصلاح معاشه والنظرِ في عاقبة أمره، فله ذلك، وإذا علّمه حرفة، فكيف ينتظم في النظر له تعطيلها؟ وقد ينساها إذا تركها؟ وإذا كان يتجه هذا الرأي [وإعمالُه] (٥)، فأيُّ معنى لإحباط منفعته؟ وإذا تجمع مما ذكرناه أنه يحمله على الاكتساب، فكيف يتسق مع هذا إيجاب النفقة على الأب للابن المحترف؟ ولو عمل، لرَدَّ بيومٍ قوت أيام.

هذا وجه التنبيه على غامضة يجب إنعام الفكر فيها، وقد رأيت لبعض الأصحاب


(١) في الأصل: وأبو حنيفة على استحقاق باجتماع الرحم والمحرمية.
(٢) ر. مختصر الطحاوي: ٢٢٤، فتح القدير: ٤/ ٤١٩.
(٣) زيادة من المحقق.
(٤) عبارة الأصل: فكيف التصرف فيه في هذا. والمثبت تصرّف من المحقق.
(٥) في الأصل: إعماله (بدون الواو).