للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[أنه] (١) ليس للأب أن يجشم ولده الكسب، وهذا غفلة عظيمة. نعم، لا يمتنع في

هذا تفصيلٌ فيقال: إن كان يليق بذلك الولد حفظ المروءة ولو استكسبه الأب لغضَّ ذلك من قدره، وصارت عبرة لا تنسى على طول عمره، فليس من النظر له الاستكسابُ، ويجوز أن يقال: ليس من النظر لمثله أن يعلّمَ الحرفَ.

وأما إذا كان يليق به [وببنيته] (٢) الاستكسابُ، فلا وجه لمنع الأب من استكسابه، وعلى الجملة لا يَخْرجُ الاستكساب في بعض الأشخاص والأحوال عن كونه وجهاً من وجوه النظر، ولكن يبقى ما اتفق الأصحاب عليه من وجوب نفقته على الأب مع كونه كسوباً.

وأثره يظهر فيما نصفه، وهو أن الصغير إذا عطّل الكسب يوماًً وغيب وجهه عن أبيه، أو لم يُطعه جمع تكليفه، ولما جاع، عاد طالباً للنفقة، فعلى الأب الموسر الإنفاقُ عليه، والابن [البالغ] (٣) قد يشترط في استحقاقه النففة ألا يكون كسوباً، حتى لو اقتدر على الكسب وعطله لم يستحق النفقة.

هذا طرف من الكلام في نفقة الصغير.

١٠١٨٣ - وأما الابن البالغ، فيشترط في استحقاقه النفقة على أبيه كونُه فاقداً لما ينفقه، وهل يشترط ألا يكون كسوباً؟ فعلى قولين: أحدهما - لا يشترط ذلك، ويستحق النفقة على أبيه الموسر، وإن كان كسوباً، كما ذكرناه في المراهق، وجه هذا القول أن الغرض في إيجاب النفقة كفُّ الضرار، وتكلفُ الكسب وتحصيلُ القوت بالكدّ مضرٌّ مع اتساع مال [الوالد] (٤)، ومبنى الإنفاق على الإرفاق.

والقول الثاني - أنه لا يستحق النفقة إذا كان قادراً على كسبٍ يردّ قوتَه؛ [فإنّ استحقاق النفقة يتعلق بالحاجة] (٥)، كاستحقاق سهم المساكين في الزكاة، ثم كون


(١) زيادة اقتضاها السياق.
(٢) غير مقروءة بالأصل إلا بصعوبة بالغة.
(٣) في الأصل: النابع.
(٤) في الأصل: الولد.
(٥) في الأصل: فإنه استحقاق لنفقة يتعلق بالحاجة.