للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

١٠٢٠٣ - فأما الأصول الموسرون إذا اجتمعوا، ومستحِق النفقة فرعهم، فالوجه أن نبدأ باجتماع الأبوين أولاً، فإذا كان للابن الفقير أب وأم موسران، فالابن لا يخلو: إما أن يكون صغيراً وإما أن يكون بالغاً، فإن كان صغيراً، لم يختلف الأصحاب في أن الأب يختص بالالتزام للإنفاق عليه، وهذا من الأصول المتفق عليها بين الأصحاب، وفيه عضد لما أجريناه في أثناء الكلام من أن نفقة الطفل من أتباع مؤن الزوجية.

وإن كان الابن بالغاً، فللأصحاب أوجه: منهم من قال: الأب أولى استدامةً لما مهدنا في حالة الصغر، ومنهم من قال: النفقة مضروبة على الأب والأم؛ فإن الأب كان مختصاً بالولاية على الصغير، وقد استقل المولود، وهما أبوان لو انفرد كل واحد منهما لالتزم النفقة عند انفراده.

ثم إن قلنا: النفقةُ عليهما، فهي مقسومة بالسويّة بينهما أم هي مفضوضة عليهما ثلثاً وثلثين على قدر اشتراكهما في الميراث إذا انفردا باستحقاق التركة؟ فعلى وجهين، كما تقدم ذكرهما في اجتماع المولودين، ونصُّ الشافعي دال على أن الأب أولى بالتزام النفقة.

هذا منتهى الكلام في اجتماع الأبوين لا غير.

١٠٢٠٤ - وأما اجتماع الأجداد والجدات من يرث ومن لا يرث، فكيف السبيل فيهم؟ ومن المقدّم بالالتزام منهم؟ فنقول: مما لا يخفى -ونقدمه حتى لا يختلط بمزدحم الخلاف- أنه إذا اجتمع قريب وبعيد من جهةٍ واحدة، فالنفقة مضروبة على القريب لا يُتخيل [فيه] (١) تردد، وذلك مثل أب وأب أب. وأم، وأم أم، وهذا واضح مستبين عما نريد الخوض فيه.

وأما إذا فرض اجتماع جماعة من الأصول، فنذكر طرق الأصحاب على الجملة فيهم، كما ذكرناه في الأولاد ثم نأتي بالمسائل أمثلةً وصوراً، ونخرجها على الطرق.


(١) في الأصل: منه.