للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فنقول: من أصحابنا من اعتبر القرب، فقدم به وسوّى به، ثم هؤلاء قالوا: لو فرض من الأصول مستوِيان في القرب، واختص أحدهما بالإرث، فهل يقدّم المختص بالإرث أم لا أثر للإرث مع الاستواء في القرب؟ فعلى وجهين، وقد تقدم ذكرهما في الأولاد.

هذه طريقة، وهي غير الطريقة الأولى المحكية في الأولاد، ولو اجتمع على هذه الطريقة قريبان مستوِيان في القرب، وكانا وارثين، فالنفقة عليهما بالسوية أم هي على مقدار الإرث؟ فعلى الوجهين المذكورين.

طريقة أخرى - من أصحابنا من قال: الأصل المعتبر في التقديم الإرثُ، فلو اجتمع بعيدٌ وارثٌ وقريب ساقط، فالنفقة على البعيد الوارث، وإن استويا في الميراث وأحدهما أقرب، قُدم الأقرب، وإن استويا في سقوط الميراث والقرب، استويا في الالتزام للاستواء في القرب، وهذا بعينه مذكور في اجتماع الأولاد.

طريقة أخرى - من أصحابنا من قال: التقديم بالولاية، فإذا اجتمع من الأصول اثنان أو طائفة، وكان الولي واحداً منهم، فهو المختص بالنفقة؛ لأن الولي يسوس المَوْليَّ عليه، ويقدَّمُ بالنظر له، فهو من هذا الوجه قائم بتربيته، فيليق بمنصبه أن [يختص] (١) بالإنفاق عليه، وهذا القائل يقول: الولي وإن كان بعيداً يلتزم النفقة.

فإن لم يكن في الأصول المجتمعين وليٌّ، تصدّى لهذا القائل الطريقان المتقدمان: اعتبار القرب أو اعتبار الوراثة، فكأنه زاد الولاية وجعلها مقدمة على كل معتبر، فإن لم تكن ولاية اعترض طريقان للأصحاب فأيهما رآه قال به.

١٠٢٠٥ - وحكى الأصحاب عن الشيخ أبي حامد مسلكاً رابعاً ننقله على وجهه، ثم ننقّح الطرق على ما ينبغي.

قال رضي الله عنه: تعتبر الذكورة والإرث في اجتماع الأصول، وعبر عن الذكورة بالكسب، هكذا توجد المنقولات عنه، ثم قال: إذا وجد شخصان مثلاً في أحدهما ذكورة ووراثة، وفي الثاني ذكورة ولا وراثة، أو وراثة ولا ذكورة، فمن اجتمع فيه


(١) في الأصل: يختصر بالإنفاق.