للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

فإن قلنا: الجلاد يضمن نصفَ الدية، فصاحب العِدل الأخير يضمن نصفَ ما هلك من السفينة وشِحنتها.

وإن قلنا: الجلاد يضمن جزءاً من أحدٍ وثمانين، فصاحب العِدل الأخير يضمن جزءاً من أجزاء، فنضبط أقدار الأثقال فنوزع عليها.

فهذه مسألةٌ اعترضت من حيث إنها تشابه مسألةَ الجوع؛ فإن ابتداءه لا يعد من أسباب الهلاك، بل قد يكون من أسباب استصلاح البدن، ولكن يحصل الهلاك بما يزيد من الجوع بسبب تقدم ما تقدّم، ومما يؤكد التشبيه أن الأعدال في السفينة في جهة التثقيل متجانسة والجوع إلى الجوع في حكم الجنس الواحد، وليس كضربٍ بعد مرضٍ.

هذا منتهى قولنا في الجوع وإفضائه إلى الهلاك.

١٠٣٠٤ - [ومما] (١) نلحقه بالأصل المقدم في العَمْد وما [يعدّ منه] (٢) القولُ في السّم وإيصالِه إلى باطن الإنسان، فنقول: إن كان السم مذفِّفاً مُجهزاً، نُظر: فإن أَوْجَره [إنساناً] (٣)، فهلك الموجَر، وجب القصاص على الذي أَوْجره، وإن أكرهه حتى شرب بنفسه، نُظر: فإن كان الشارب جاهلاً بكونه سماً، فعلى الذي سقاه السم القصاص؛ فإن الإكراه إذا تحقق من الأسباب الموجبة للقصاص على المكرِه، كما سيأتي ذلك -إن شاء الله عز وجل-.

وإن كان المكرَه عالماً بأن الذي يتعاطاه سم، [فلا قصاص] (٤) على المكرِه؛ فإن الإكراه لا يتحقق على هذا الوجه، وسنبين أن من اكره رجلاً حتى قتل نفسَه، فلا قصاص على المكرِه؛ إذ صورة الإكراه أن يُؤْثر المكوَه خلاصَ نفسه بتحصيل ما هو مكرَهٌ عليه، وهذا المعنى لا يتحقق مع كونه [مقتولاً] (٥) لو أمضى مراد المكرِه، وسيأتي هذا في موضعه، إن شاء الله عز وجل.


(١) في الأصل: "مما" (بدون واو).
(٢) في الأصل: "وما يخدمه".
(٣) في الأصل: "إنسان".
(٤) في الأصل: "فالقصاص".
(٥) في الأصل: "مقبولاً".