للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

هذا القائل ذلك بما لو قال الإنسان لصاحبه: اقطع يدي، فقطعها وسرت الجراحة، ثم [وقفت] (١)، فإن السراية لا تكون مضمونة، وكذلك من قطع يدَ مرتدٍّ [فأسلم] (٢)، فسرت الجراحة [فالسراية] (٣) لا تكون مضمونة.

والصحيح الوجه الأول، فإن الجراحة وقعت مضمونة أولاً، فكانت سرايتها المقدّرة مضمونة لو وقعت، ثم جرى العفو مقتصراً على الضمان الذي اقتضاه الجرح، فلا يتعداه.

وهذا إذا قال العافي: عفوت عن موجب الجناية، واقتصر عليه، فأما إذا قال: عفوت عن هذه الجناية، وعما يحدث [منها] (٤)، ثم جرت السراية بعد هذا، ووقفت دون الزهوق، فإن قلنا: ضمان السراية يسقط بالعفو عن الجرح، فلا إشكال في سقوط الضمان هاهنا، وإن قلنا العفو عن الجرح لا يتضمن سقوط ضمان السراية، فإذا صرح العافي بإسقاط ضمانها قبل وقوعها، كان [إبراء] (٥) عما لم يجب، ولكن وجد سببُ وجوبه، وفي ذلك قولان معروفان، سبق ذكرهما.

هذا كله فيه إذا جرى العفو ولا سراية، أو جرت سراية ووقفت دون النفس.

١٠٥٥٥ - فأما إذا قال المجني عليه: عفوت عن الجرح عقلاً وقوداً، ولم يتعرض للسراية، ثم سرت الجراحة وأدت إلى زهوق الروح، فالذي ذهب إليه الأصحاب أنه لا يجب القصاص على الجاني في نفسه، ويصير العفو عن الجرح قبل السريان شبهة في إسقاط القصاص، وقال أبو الطيب بنُ سلمة: من أصحابنا من يُلزمه القودَ في النفس؛ فإنه لم يتعرض لإسقاط ضمان السراية [في الروح] (٦) وقد زَهَقت بالسراية، فلئن سقط


(١) في الأصل: "وقعت". والمعنى أنها وقفت فلم تصل إلى النفس، بل سرت إلى عضوٍ فقط مثلاً.
(٢) زيادة اقتضاها السياق، وهي عند الرافعي في تصويره للمسألة.
(٣) في الأصل: "والسراية".
(٤) الأصل: "فيها".
(٥) في الأصل: "بترا".
(٦) في الأصل: "والروح".