للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقد نجز الكلام في مسألة واحدة من مسائل المزني.

١٠٥٦١ - المسألة الثانية: قال: قال الشافعي: إذا كان الجاني مخطئاً، وكان الأرش على العاقلة، فإذا عفا المجني عليه، صح العفو في مرض الموت؛ فإن [أثره] (١) يرجع إلى العاقلة، وليسوا قاتلين.

وفصّل الأصحاب هذه المسألة وخرجوها على أصلٍ في المذهب، وهو أن الخاطىء هل يلاقيه وجوبُ الضمان، ثم العاقلة يتحملون عنه، أم الوجوب يلقى العاقلة ابتداء؟ وفيه كلام سنشرحه في كتاب الديات، إن شاء الله تعالى.

فإن قلنا: الوجوب لا يلاقي الجاني، فالعفو عن العواقل تبرعٌ على غير قاتل.

[وإن] (٢) حكمنا بأن الوجوب يلاقي الجاني، نظر في صيغة قول العافي: فإن قال: عفوت عن العاقلة، نفذ العفو، وكان ذلك عفواً عمن ليس بقاتل، فلزم ترتبهم إذا وفّى الثلث، فإنهم إن كانوا متأصلين نفذ العفو، وإن كانوا ضمناء كافلين كذلك. ولو قال المجني عليه: عفوت عن الدية، ولم يتعرض لإضافة العفو [إلى] (٣) الجاني ولا إلى العاقلة، فالعفو ينفذ، والعواقل يترادّون، وإن توجه العفو على الجاني فقال: عفوت عنك. فإن قلنا: الجاني لا يلاقيه الوجوب، فالعفو عنه لغوٌ، فإن قلنا: يلاقيه الوجوب، ففي العفو عنه وجهان: أحدهما - أنه يصح على [تقديره] (٤) أصلاً وتقدير العواقل ضمناء، ثم إذا برىء الأصل برىء الضامن. والثاني - لا يصح؛ فإن هذا التقدير لا ثبات له مع القطع [بأنه] (٥) ليس مطالباً.


= وان أضاف العفو إلى العبد، فإن قلنا: يتعلق بالرقبة دون ذمة العبد، لم يصح، وان قلنا: يتعلق بالذمة، ففيه القولان في الوصية للقاتل.
وان كانت الجناية موجبة للقصاص، فالعفو عن العبد صحيح، فإنه عليه بكل حال.
(١) في الأصل: "أمره".
(٢) في الأصل: "فإن".
(٣) في الأصل: "عن".
(٤) في الأ صل: "تقريره".
(٥) في الأصل: "فإنه".