للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

والقائل الأول يقول: نجعل الجاني -وإن كان موسراً- كالأصيل المعسر، ثم إبراؤه يبرىء الضامن عنه، وهذا يظهر في [إبراء] (١) المضمون عنه بعد موته معسراً في علم الله تعالى.

وسر هذا الفصل يظهر من بعدُ، ولكن لا بد من ذكر ما يقع الاستقلال به هاهنا، فنقول: الجاني محمول عنه، ولكن وجبت الدية، فيتجه أمران: أحدهما - لم تجب على الجاني، وإنما وجبت ابتداء على العاقلة. والثاني - أنه لاقاه الوجوب، ثم تحمَّلَ العاقلةُ عنه الوجوب، فهذا ليس [تحملَ واجبٍ] (٢)، بل هو تحمل وجوب.

ويتضح هذا بشيء، وهو أن الجاني المخطىء لو لم تكن له عاقلة، ففي تعلق الدية بماله تفصيل وصور وفاقية، وأخرى خلافية، هذا في الابتداء، وإذا [ضُرب] (٣) الأرش على العاقلة، فامتنعوا أن يقدر الاستيفاء منهم، [فلا رجوع] (٤) إلى الجاني بعد ذلك، وهذا شديد الشبه بحوالة شرعية، وحكم الحوالة إحالة الوجوب.

فإذا ظهر ما ذكرناه، فتوجيه الإبراء على الخاطىء ينقسم: فإن وقع بعد قرار الوجوب على العاقلة، فالقول في ذلك يتردد حينئذ، وإدط لم تكن عاقلة، فالإبراء توجه بحق على الخاطىء، فهذا القدر كافٍ الآن، وتمامُه في باب العواقل، ولنا عودة إلى الإبراء عن العواقل قبل انقضاء السنة؛ فإن ذلك ليس في حكم دَيْن مؤجل، ولا يحتمل هذا الموضع ذكر ذلك.

١٠٥٦٢ - والمسألة الثالثة للمزني: أنه قال: قال الشافعي: لو كان الجاني ذمياً وعاقلته مسلمون، فالدية في ماله، فلو فرض العفو، فهو باطل، فإنه عفو عن القاتل، وهذا لا تفصيل فيه، ولكنه جوابٌ على أحد القولين.

ومما أورده المزني من قول الشافعي: أنه قال: "لو أقر الرجل بجنايةٍ خطأ وأنكر


(١) في الأصل: "أثر".
(٢) في الأصل: "تحملا واجب".
(٣) مكان بياضٍ بالأصل. وهي هي إن شاء الله.
(٤) في الأصل: "ولا رجوع".