للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

منهم عند فرض التنازع، كما نطلب مقوِّمَيْن عند الاختلاف في مقدار القيمة، فلو أخذ الولي الأربعين على تقدير أنها خَلِفات، ثم جاء بها، وقال: ليس خلفات، [فإن] (١) تحققنا أنها لم تُجهض، رجعنا إلى قول أصحاب البصائر، فإن قالوا: إنها خلِفات، انقطعت الطلبة في الحال، ثم ننظر ما يكون، وإن قالوا: ليس خلفات، طالب بالخلفات ورد ما أخذ، وإن قالوا: لا ندري أهن خلفات أم لا؟ فقال الجاني: ترفقوا إلى أمدٍ يتبين كونهن خلفات في مثله، لم يُجب إلى ذلك، ودامت عليه الطّلبة بأداء إبلٍ يظهر كونهن خلِفات.

فإن قال الجاني: قد أَجْهَضْن، واحتمل ما قال، وقال الولي: ما أجهضن، واحتمل ما قال، فالقول قولُ مَنْ؟ قاعدة المذهب: أن أَخْذهن إن كان بقول الجاني (٢)، فالقول قول الولي، وإن كان بقول أهل البصائر، ثم وقع التنازع كما وصفناه، ففي المسألة وجهان: أحدهما - أن القول قول الجاني، لأنا أسندنا الأمر إلى قول من يعتبر قوله. والثاني - أن القول قول الولي، فإنه المستحِق، ولا يسقط حقه بظنٍّ وتخمين، وقول ذوي البصائر تخمين في هذا الباب.

ومن تمام القول في الفصل أن الجاني والولي لو تنازعا في صفة الإبل حالة الأخذ: فزعم الجاني الإبل خَلِفات، وأبى الولي ذلك، ورجعنا إلى قول أهل البصائر، [فإذا] (٣) قال اثنان منهم: إنها حوامل، فقال الولي: لستم تقطعون بذلك، فلا أعوّل على قولكم، فلا خلاف أنه محمول على [الصبر إلى أن يتبين] (٤) الأمر؛ فإن أقصى الإمكان هذا.

وقد انتهى الغرض في الخلفات، ونصُّ الشافعي ظاهرٌ في [أنهن لو حملن جذاعاً،


(١) في الأصل: "وإن".
(٢) المعنى: أن أخذ الولي الخلفات كان بناء على قول الجانىِ، ولم يراجع أهل البصائر عند الأخذ.
(٣) في الأصل: "وإذا".
(٤) غير مقروءة في الأصل، ورسمت هكذا ... محمول على الصرا ان تبين الأمر (تماماًً) والمثبت من تعديل وزيادة هو من عمل المحقق.