للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

* عُني رجال هذا الدور من الصحابة والتابعين بجمع السنة التي رويت عن كبار الصحابة.

* وكذلك عُنوا بجمع تلك الثروة الهائلة من فتاوى صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان قول الصحابة عندهم حجة، كما أشرنا آنفاً.

* كان لهم ولا شك دور هام في الاجتهاد فيما يجد من شؤون هذا المجتمع المتوثب من حولهم، مما لم يرد فيه نص أو فتوى من الصحابة (١).

- وكنا قد أشرنا إلى أن من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم من كان يتحرج، ولا يُقدم على الفتوى كعبد الله بن عمر، ومنهم من كان يفتي برأيه ويتوسع في ذلك كعمر بن الخطاب، وعبد الله بن مسعود. وكان ذلك نواة لاختلاف الاتجاه بين التابعين، " فقد اتضح الفرق بين المنهاجين، واتسعت الفرجة بينهما: فمنهم من كان يُفتي برأيه غيرَ متوقف إذا لم يجد نصاً، ولا فتوى صحابي، ومنهم من لا ينطلق في الاجتهاد إن لم يجد ما يعتمد عليه من السنة أو القرآن الكريم " (٢).

وكان اتساع الهوة بين المنهاجين نتيجة ظروف المجتمع التي أشرنا إليها، فقد رأى أهل الرأي أن أمر الحديث قد اتسع، ودخل مجاله من لا يخشى في الله إلاًّ ولا ذمة، فبعد أن كان الرجل تعروه رِعدة وهو يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (٣)، أصبح الوضع والكذب وسيلة للدفاع عن الفِرق والأهواء (٤). رأى أهلُ الرأي ذلك، فخافوا من أن يُزيَّف عليهم حديث، فكان اعتمادهم على الرأي أكثرَ من بحثهم عن الحديث.


(١) تاريخ المذاهب الفقهية لأبي زهرة: ٣١.
(٢) المصدر السابق نفسه: ٣٣.
(٣) انظر: ابن سعد، محمد بن سعد بن منيع البصري الزهري، الطبقات الكبرى: ٣/ ١١٠ وهو يروي هذا عن ابن مسعود رضي الله عنه.
(٤) انظر بحثاً قيماً عن الوضع في الحديث في كتاب (السنة قبل التدوين) لمحمد عجاج الخطيب: ١٨٦ وانظر أيضاً السنة ومكانتها في التشريع الإسلامي للدكتور مصطفى السباعي رحمه الله: ٨٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>