للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فإذا قطعنا بالتغليظ بسبب القتل في الحرم: حرم مكة، فالوجه أن نعتبر ما نعتبره في طريق ضمان الصيد، حتى لو كان الرامي في الحرم، والمقتول في الحلّ، أو على العكس، تغلّظت الدية، ولو زعم زاعم أن الرجوع في ذلك إلى الأثر، وقد قال عثمان (١) في امرأة وُطئت بالأقدام في الطواف، ما قال، فكأنه (٢) للقتيلة في الحرم، قيل له: هذا


= على ذلك إلا سياقةُ الحكاية عن (ابن القاص) وكأنه منكور غير معروف، برغم تكرار وروده في كل باب من الأبواب على طول المجلدات الأحد عشر.
ومن أجل هذا -عند مراجعة تجارب الطباعة- عدت إلى غير الرافعي أبحث عمن يحكون هذا القول، فوجدت البغوي قال بالوجه المعتمد، ولم يُشر إلى هذا الوجه -الذي نبحث عن صاحبه- أصلا (ر. التهذيب: ٧/ ١٣٧) وأما العمراني، فقد حكى القول ولكن لم يقل لنا عمّن يحكيه (ر. البيان: ١١/ ٤٨٦) فرجعنا إلى مخطوطة البسيط، فوجدنا الغزالي يقول: " وأما الإحرام من القاتل، فلا يوجب تغليظ الدية .... وحكى القاضي عن (أبي الفياض)، وهو من شيوخ المذهب أن الإحرام يلتحق به (أي الحرم) " (ر. البسيط: جـ ٥ ورقة ٣٢ يسار).
فقطع الغزالي قول الرافعي، وعبارته هي عبارة شيخه بألفاظها، فعدلنا عما كان ترجح لدينا وأثبتنا مكانه [أبي الفياض] مطمئنين واثقين بحمد الله.
ويبقى النظر في إسناد الرافعي القول إلى [ابن القاص] لا سيما أن هذا القول ليس موجوداً في التلخيص الذي بأيدينا، فهل هو تصحيف أيضاً، أم وهم، أم صواب، وقاله ابن القاص في كتاب آخر؟؟ الله أعلم.
أما ترجمة أبي الفياض فهو أبو الفياض البصري، محمد بن الحسن بن المنتصر البصري. من أعيان تلاميذ القاضي أبي حامد المرورُّوذي وصاحبه، أخذ عنه فقهاء البصرة، ومن أخص تلاميذه أبو القاسم الصيمري. ومن تصانيفه (اللاحق بالجامع) الذي صنفه شيخه وهو تتمة له. نقل عنه الرافعي في أوائل الحيض في الكلام على الاستمتاع بالحائض فيما بين السرة والركبة، ونقل عنه في غيره أيضاًَ.
قال ابن قاضي شهبة: " لا يُعرف وقت وفاته ولذا ذكرته فيمن توفي في العشرين الخامسة من المائة الرابعة؛ فإن تلميذه الصيمري ياتي في الطبقة الآتية ".
(ر. طبقات الفقهاء للشيرازي: ص ١١٩، طبقات ابن الصلاح: ١/ ١٤٦، الإسنوي: ١/ ١٩٢، ابن قاضي شهبة: ترجمة رقم ١٢٣، طبقات ابن كثير: ٢/ ٨٦٧، ابن هداية: ١١٦).
(١) أثر عثمان رضي الله عنه: "أنه قضى في امرأة وطئت بمكة بدية وثلث"، رواه البيهقي في سننه الكبرى (٨/ ٧١) وفي معرفة السنن والآثار (ح ٤٨٧٧).
(٢) فكأنه للقتيلة في الحرم: أي كأن التغليظ يكون حيث كان القاتل والمقتول في الحرم، هذا معنى قول الزاعم.